الأربعاء، 14 مارس 2012

الرقابة على أعمال الضبطية القضائية

مذكرة تخرج لنيل شهادة ليسانس في العلوم القانونية و الادارية بعنوان :

المحتوى :





مقدمـــــة
يضم قانون الإجراءات الجزائية مجموعة الإجراءات و النظم التي يجب الالتزام بها منذ وقوع الجريمة إلى حين صدور حكم نهائي في الموضوع فينظم سبل البحث و التحري عن الجريمة و مرتكبيها ، و ينظم المراحل التي تمر بها الدعوى العمومية كالتحقيق و المحاكمة ، و ينظم الأجهزة القضائية و شبه القضائية التي تسهر على تطبيق قانون الإجراءات الجزائية و إعماله في التحقيق و محاكمة المتهمين و توقيع العقاب أو التدبير الأمني المناسب ، و ينظم القواعد الخاصة بتنفيذ الأحكام الجزائية و الفصل في الدعوى المدنية التبعية .
و عليه ينظم قانون الإجراءات الجزائية تفصيلا السلطات المختصة كلا فيما تختص به – مباشرة تلك الإجراءات ، و هي جهاز الضبط القضائي ممثلة في ضباط الشرطة القضائية و مساعديهم و بعض الأعوان و الموظفين الموكول لهم قانونا بعض مهام الضبط القضائي ، و النيابة العامة ممثلة في النائب العام و وكيل الجمهورية و مساعديهما على مستوى كل مجلس قضائي ، و قضاء التحقيق ممثلا في قضاة التحقيق و قضاة غرفة الإتهام ، و قضاء الحكم بمختلف درجاته من محاكم بأقسامهما و مجالس بغرفها المختلفة و المحكمة العليا ، و يحدد تشكيل كل جهة و اختصاصاتها ، بالإضافة لتحديد المراحل التي يمكن أن تمر بها الإجراءات كمرحلة الضبط القضائي و التحقيق و المحاكمة و الأحكام و الطعن فيها و تنفيذها بالإضافة لذلك قواعد تسليم المجرمين و الإنابات القضائية و تبليغ الأوراق و الأحكام بين الجزائر و الدول الأجنبية و رد الإعتبار .



و تحرص الدولة بمختلف أجهزتها على إقرار الأمن و السكينة و الوقاية من الجريمة و ضبطها حال وقوعها و معاقبة مرتكبيها ، فتنهض بالنشاط البوليسي عبر جهـازي الشرطـة الإداريـة و الشرطـة القضائيـة ، فيختـص كـل جهـاز باختصـاص محـدد .
الأول يكون اختصاصه وقائي سابق على وقوع الجريمة بالتصدي لمن تسول له نفسه الإخلال بنظم الجماعة بارتكاب جريمة مثلا فيمنع وقوعها ، و الثاني دوره ردعي يأتي لاحقا لارتكاب الجريمة حيث يفشل الضبط البوليسي أو الإداري فيقوم جهاز الضبط القضائي حينها بالبحث و التحري عن الجريمة و تعقب مرتكبيها و تقديمهم للأجهزة القضائية المختصة ، هذا الأخير – جهاز الضبط القضائي – و هو يختص بعمله يكون سابق للاتهام و التحقيق ، و هما من مقدماتها حيث يلعب دورا مهما في تهيئة القضية للقضاء الجنائي بوجه عام .
و باعتبار الضبط القضائي عمل موكل استثناءا من طرف جهاز الضبط لرجال الضبط القضائي و هي مهمة صعبة و محفوفة بالمخاطر ، فالمقصود بالضبطية القضائية ؟ و هل هناك رقابة على الأعمال التي تقوم بها ؟
و للإجابة عن هذه الإشكالية المطروحة فقد اعتمدنا في دراستنا المنهج الوصفي التحليلي ، بداية بمعرفة ماهية الضبطية القضائية للوصول إلى الرقابة عليها و هذا من طرف النيابة العامة و غرفة الاتهام ، و ككل موضوع بحثي يمكن أن تعترضنا صعوبات ميدانية و أهمها هو نقص المراجع خاصة منها الجزائرية التي تهتم بالتحليل في هاته العلاقة التي تربط الجهاز القضائي و الجهاز التنفيذي بمنح صفة الضبطية القضائية كصفة استثنائية يحملها رجال الضبطية القضائية ، و رغم أن هذا الموضوع أحطنا في دراستنا بالجانب النظري ، لكن هذا لم يغنينا عن الدراسة الميدانية و هو حقا ما عملنا به في بحثنا هذا بوضعنا خطة قسمت لفصلين ،
الأول الضبطية القضائية ، و الفصل الثاني الرقابة على أعمال الضبطية و اندرج تحت كل فصل ثلاث مباحث .
مقدمة الفصل

إن المهمة الرئيسية للضبطية القضائية هي البحث و التحري عن الجرائم المقررة قانونا و جمع الأدلة عنها و البحث عن مرتكبيها مادام لم يقع تحقيق قضائي ، أما بعد افتتاح التحقيق القضائي فإن مهمتها تنحصر في تنفيذ تفويضات جهات التحقيق و تلبية طلباتها و يمارس ضباط الشرطة القضائية أعمالهم تحت إدارة وكيل الجمهورية و إشراف النائب العام لدى المجلس القضائي و مراقبة غرفة الاتهام و باعتبار أن وكيل الجمهورية و هو الذي يمثل النيابة العامة على مستوى المحكمة فالنيابة وحدها هي التي تتصرف في التهمة بعد الاستدلالات دون ضباط الشرطة القضائية الذين قاموا بجمع تلك الاستدلالات و عليه و أيا كانت وسيلة تحريك الدعوى العمومية فإن النيابة تلتزم بمراعاة ما قد يفرضه القانون في هذا الصدد بالنسبة لبعض الجرائم من شكوى أو طلب أو إذن و على هذا نتناول الرقابة على أعمال الضبطية القضائية .

المبحث الأول :
ماهية الرقابة على أعمال الضبطية القضائية :
المطلب الأول :
الرقابة القضائية على الضبط القضائي :
الضبطية القضائية هي جهاز يتولى التحري و جمع الاستدلالات عن الجرائم المرتكبة و التحري عن مرتكبيها و تعقبهم ، و القبض عليهم لإقرار العدالة و توقيع الجزاء على مرتكبيها فهي بذلك تعد جهازا مساعدا للسلطة القضائية في أداء مهمتها (1) .
تبدأ وظيفة الضبط القضائي حيث تنتهي وظيفة الضبط الإداري فلا يتدخل مأمور الضبط القضائي – بصفته هذه – إلا إذا وقع إخلال فعلي بالنظام العام يسمى جريمة –حيث يمارس إجراءات و سلطات حددتها القوانين المختلفة بحدود متفاوتة .
و وظيفة الضبط القضائي في نظام الاتهام العام لا تؤدي بمعرفة الأفراد إلا بصفة استثنائية و عند حدود معينة كما في الإدعاء المباشر ، بل تؤدي بمعرفة موظفين تحددهم القوانين و تطلق عليهم مأموري الضبط القضائي (2) .
و يتفاوت المدى الممنوح لرجال الضبط القضائي في ممارسة الإجراءات المختلفة من خلال الدعوى الجنائية و المراحل الممهدة لها ، من تشريع لآخر .

يخضع رجال الضبط القضائي في قيامهم بمهام الضبط القضائي لإشراف وكيل الجمهورية المباشر في دائرة كل محكمة ، و لإشراف النائب العام في دائرة المجلس القضائي ، على أن هذه الرقابة تقتصر على وظيفة الضبط القضائي ، دون أعمال وظيفتهم المعتادة –أي الأصلية- و التي يخضعون في أدائها لرؤسائهم الإداريين فحسب .
و تفسر تبعية رجال الضبط القضائي للنيابة العامة بأنهم يقومون بجمع الاستدلالات بشأن الجرائم ، سواء بتكليف من وكيل الجمهورية ، أو من تلقاء أنفسهم و أن جمع الاستدلالات يمهد للدعوى العمومية ، سواء بتحريكها أمام قضاء التحقيق أو الحكم أو بحفظها و هو ما تختص به النيابة العامة ، و تباشر النيابة العامة رقابتها على الضبط القضائي من خلال عدة إجراءات (1)
الفرع الأول :
مبادرة ضباط الشرطة القضائية اخطار وكيل الجمهورية :
فضباط الشرطة القضائية يبادرون باخطار وكيل الجمهورية بالجنايات و الجنح التي تصل إلى علمهم ، و يرسلون إليه محاضر جمع الاستدلالات التي يحررونها فور إنجازها و هذا ما تنص عليه المادة 18 قانون إجراءات جزائية " يتعين على ضباط الشرطة القضائية أن يحرروا محاضر بأعمالهم و أن يبادروا بغير تمهل إلى اخطار وكيل الجمهورية بالجنايات و الجنح التي تصل إلى علمهم" .
و عليهم بمجرد إنجاز أعمالهم أن يوافوه مباشرة بأصول المحاضر التي يحررونها مصحوبة بنسخة منها مؤشر عليها بأنها مطابقة لأصول تلك المحاضر التي حرروها و كذا بجميع المستندات و الوثائق المتعلقة بها و كذلك الأشياء المضبوطة.
و ترسل المحاضر الخاصة بالمخالفات و الأوراق المرفقة بها إلى وكيل الجمهورية لدى المحكمة المختصة.
و يجب أن ينوه في تلك المحاضر عن صفة الضبط القضائي الخاصة بمحرريها و لو لم تتضمن هذه المحاضر جريمة ما فذلك يختص بتقريره وكيل الجمهورية و يتسنى للنيابة العانة متابعة نشاط الضبطية القضائية ، و توجيهه نحو مصلحة المجتمع في الكشف عن الجرائم و معاقبة مقترفيها و إخلال ضابط الشرطة القضائية بواجبه هذا يعرضه لمراقبة و مسألة غرفة الاتهام عملا بالمادة 206 إ.ج " تراقب غرفة الاتهام أعمال ضباط الشرطة القضائية و الأعوان و الموظفون المنوطة بهم بعض مهام الضبط القضائي الذين يمارسونها حسب الشروط المحددة في المواد 21 و التي تليها من هذا القانون(1)

الفرع الثاني :
مساعدة رجال الضبطية القضائية وكيل الجمهورية :

يلتزم رجال الضبطية القضائية بمعاونة وكيل الجمهورية أثناء مباشرته بنفسه إجراءات البحث و التحري عن الجرائم ، كما ينفذون ما قد يأمر به في هذا الصدد حسب نص المادة 36 إجراءات جزائية و تنص :" و يقوم وكيل الجمهورية:
- بتلقي المحاضر ، الشكاوي و البلاغات و يقرر ما يتخذ بشأنها.
- يباشر بنفسه أو يأمر باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للبحث و التحري عن الجرائم المتعلقة بقانون العقوبات .
و يعد تقاعسهم عن ذلك إخلالا خطيرا بواجباتهم .

الفرع الثالث :
يجب على الضبط أخذ إذن من النيابة العامة :

يتعين على هؤلاء الضباط استئذان النيابة العامة بصدد كثير الإجراءات الهامة و إلا كانت باطلة ، و من ذلك تمديد حجز الأشخاص لصالح التحقيق الأولي في غير حالات التلبس ، و تفتيش منازل المشتبه في ارتكابهم جناية أو جنحة في حالة التلبس و تحقيقا لجدوى الرقابة خول النائب العام تقديم ضباط الشرطة القضائية إلى غرفة الاتهام لمسائلتهم عن الإخلالات المنسوبة إليهم ، بل و يجوز للغرفة من تلقاء نفسها أن تنظر في ذلك بمناسبة قضية مطروحة عليها المادة 207/01 إجراءات جزائية (1) و للغرفة أن توجه إليهم ملاحظات ، أو توقفهم عن مباشرة وظيفة الضبط القضائي بصفة مؤقتة ، أو بإسقاط تلك الصفة عنهم نهائيا (مادة 209 إجراءات جزائية) و لا يخل كل ذلك بالجزاءات التأديبية التي قد توقع عليهم من رؤسائهم التدريجيين ، أو بإرسال الملف للنائب العام إذا نسب إلى أحدهم إرتكاب جريمة المادة210 إجراءات جزائية .

الفرع الرابع :
قوة إثبات محاضر الضبط القضائي :
و أخيرا فإن المحاضر أو التقارير التي يحررها رجال الضبط القضائي لا يكون لها قوة الإثبات إلا إذا استوفت شرائطها الشكلية ، و حررها و أمضوها أثناء مباشرة أعمال وظيفتهم ، و أوردوا فيها عن موضوع داخل في نطاق اختصاصهم ما قد رأوه أو سمعوه أو عاينوه بأنفسهم (م 214 إ.ج) و من ثم فلا يكون لهذه المحاضر أو التقارير قوة في الإثبات إذا لم تحمل توقيع من حررها (2) و سوف نرى أن حتى و مع سلامتها تعتبر مجرد استدلالات تخضع لمطلق تقدير المحكمة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك المادة 215 إجراءات جزائية .
المطلب الثاني :
الرقابة الإدارية على الضبط القضائي :

إن وظيفة الضبطية الإدارية هي وظيفة وقائية تتمثل في منع وقوع الجرائم عن طريق إقرار الأمن و النظام في المجتمع حتى لا تقع الجرائم و هي في سبيل ذلك تقوم بعمل الدوريات التي يقوم بها رجال الشرطة و إجراءات التحقيق من شخصية الأفراد أو ما يقال لها الاستيقاف .
و تبدو أهمية التمييز بين الضبط الإداري و الضبط القضائي في أنه إذا حدث و قام رجال الشرطة أو أحد رجال السلطة العامة من غير من لهم صفة الضبط القضائي بأي إجراء من الإجراءات التي خولها القانون لرجال الضبطية القضائية فإن عمله يقع باطلا و لا يعتد به ، سواء لم يمنح هذه الصفة في الأصل أو خرج عن منح هذه الصفة عن نطاق إختصاصه المكاني أو النوعي (1)
كانت فكرة الضبط الإداري في مدلولها القديم تثير في الذهن صورة تنسيق المدينة و ترتيبها و تضمنت دلالتها على كل ما يتكافل و يرمي إلى تنظيم الجماعة في كنف الدولة و سيادة النظام فيها ، و تنظيم مرافقها العامة ، و انصرف هذا المعنى في فرنسا خلال القرن 18 إلى تحقيق أهداف في الجماعة السياسية عن طريق مجموعة الأوامر و القواعد التي تتولاها الهيئة الإدارية و تتمثل هذه النشاطات في تقييد الأفراد في بعض أوجه تصرفاتهم من أجل تحقيق أهداف الجماعة ، أي الجماعة السياسية (2)

و تبلورت أغراض الضبط الإداري في المفهوم الحديث في سيادة النظام العام و إشاعة الأمن و حياطة الصحة العامة و توفير السكينة ، و وضحت الوسيلة لتحقيق هذه الإغراض و ذلك بتدخلات الإدارة المشروعة في نشاطات الأفراد و الجماعات ، و برز من خلال هذه الأغراض – غرض يرمي لمنع وقوع الجريمة بالحيلولة دون وقوعها و بالسهر الدائب لمراعاة حسن تطبيق القوانين و الأنظمة ، و أولت القوانين الحديثة عناية خاصة بهذا الغرض كغرض يهدف إلى تحقيق الدفاع الاجتماعي للوقاية من الجريمة .
و لضمان التزام الأفراد و الجماعات بالواجبات التي تحقق تلك الأغراض سنت الدولة من القوانين و الأنظمة ما يكفل بمراعاة تلك الأغراض ، و تسند إلى مجموعة من الموظفين أمر مراقبة التقيد بهذه القوانين و التأكد من حسن تنفيذها ، و تتبع مجموعة الموظفين المكلفة بهذه القوانين السلطة التنفيذية في الدولة كونها صاحبة الولاية الضابطة على وجه الأصالة أو الإنابة التشريعية .
و الصفة الغالبة في مجموعة الموظفين المكلفين بوظيفة الضبط الإداري هي في مراتب الشرطة المختلفة ، سواء بإحالة قانونية مباشرة أو باختصاص أصيل بموجب قوانينهم الخاصة حيث يتدخل أعضاء الضبط الإداري في نشاطات الأفراد مستندين إما للوائح الضبط الإداري و هي اللوائح التي تصدرها السلطة التنفيذية بقصد المحافظة على النظام بعناصره الثلاث "الأمن العام ، السكينة العامة ، الصحة العامة"(1)

المبحث الثاني :
الرقابة القضائية على أعمال الضبطية القضائية :
المطلب الأول :
الإدارة و الإشراف :
تنص المادة 12 فقرة 2 قانون إجراءات جزائية :" و يتولي وكيل الجمهورية إدارة الضبط القضــائي و يشـــرف النائــب العام على الضبط القضائي بدائرة اختصاص كل مجلس قضائي ..."
و تنص المادة 36 قانون إجراءات جزائية :" ... يدير –أي وكيل الجمهورية- نشاط ضباط و أعوان الشرطة القضائية في دائرة اختصاص المحكمة و يراقب تدابير التوقيف للنظر".
و تنص المادة 18 مكرر فقرة 2 و 3 :"يتولى وكيل الجمهورية تحت سلطة النائب العام ، تنقيط ضباط الشرطة القضائية العاملين بدائرة اختصاص المحكمة " ، " يؤخذ التنقيط في الحسبان عن كل ترقية" . يستخلص من هذه النصوص أن المشرع عهد للسلطة القضائية – و قد سبق أن رأينا بأن عضو النيابة يعتبر من السلك القضائي ، إلا أنه يتميز هذا السلك بعدم تطبيق مبدأ استقلالية القضاء عليه ، فتحكمه مبادئ التبعية و عدم التجزئة و عدم الرد- ممثلة في النيابة العامة بسلطة الإدارة و الإشراف على الضبط القضائي و أعماله ، فوكيل الجمهورية يمارس سلطة الإدارة على مستوى المحكمة ، في حين يتولى النائب العام على مستوى المجلس القضائي الإشراف عليه –الضبط القضائي- فتنص الفقرة 1 من المادة 18 مكرر :" يمسك النائب العام ملفا فرديا لكل ضابط شرطة قضائية يمارس سلطات الضبط القضائي في دائرة اختصاص المجلس القضائي و ذلك مع مراعاة أحكام المادة 208 من هذا القانون ".(1)
و تبدو مظاهر تبعية الشرطة القضائية للنيابة العامة في الواجبات التي يفرضها القانون على أعضائها من الضبط و الأعوان من جهة ، و فيما أجازه لوكيل الجهورية من صلاحيات و سلطات عليهم من جهة أخرى .

الفرع الأول :
واجبات الضابط تجاه وكيل الجمهورية :

يعتبر رجال الضبط القضائي مساعدون مباشرون لوكيل الجمهورية و لهذه الصفة فإنهم ملزمون لتنفيذ الأوامر التي يتلقونها منه و من جهات التحقيق كما أنهم ملزمون بالبحث عن الجريمة و مرتكبيها و أن يثبتوا جميع الإجراءات التي يقومون بها في محاضر و أن يبينوا وقت اتخاذها و مكان حصولها و أسباب توقيف المشتبه فيهم و مدته طبقا للمادة 52 قانون إجراءات جزائية (1)
بالإضافة إلى هذا فقد قرر قانون الإجراءات الجزائية مجموعة من الواجبات تقع على عاتق ضابط الشرطة القضائية وفقا لما هو منصوص عليه في المادة 36 قانون إ.ج و التي تسمح لوكيل الجمهورية بأن يأمر أي عضو من جهاز الضبط القضائي للقيام بأي إجــراء يراه لازما ، يمكن إبراز بعضها كالتالي :
1- أن القانون يلزم ضابط الشرطة القضائية بوجوب اخطار وكيل الجمهورية فقط بما يصل إلى علمه من جرائم و تحرير محاضر بشأنها و موافاته –أي وكيل الجمهورية- بأصولها موقعا عليها مصحوبة بنسخة منهما و يؤشر عليها الضابط بمطابقتها لأصول المحاضر طبقا للمادة (18 ق.إ.ج)
2- إخطاره لوكيل الجمهورية بالجريمة المتلبس بها ، و الانتقال لمكان الحادث لمعاينته ، و اتخاذ الإجراءات و التحريات اللازمة (م 42 ق.إ.ج)
3- إبلاغ وكيل الجمهورية بكل توقيف للنظر يراه ضروري ، و لا يجوز تمديد في الأحوال التي يجوز فيها إلا بناءا على إذن منه .
4- يرفع يده عن مباشرة تحرياته بمجرد حضور وكيل الجمهورية لمكان الحادث الذي يتولى بنفسه مباشرتها ما لم يرى تكليف الضابط بذلك (م 56 ق.إ.ج) .
5- الإذن بالتفتيش الذي يصدره وكيل الجمهورية لضابط الشرطة القضائية للدخول للمساكن في الجرائم المتلبس بها المنصوص عليها في المادة 41 و مايليها من قانون الإجراءات الجزائية طبقا للمادة (44 ق.إ.ج) .
6- وجوب تطبيق ضابط الشرطة القضائية لأوامر وكيل الجمهورية لإجراء الفحص الطبي للموقوف تحت النظر ، و إلا أعتبر مرتكبا للجريمة المنصوص عليها في المادة 110 مكرر فقرة 2 من قانون العقوبات .
7- لا يملك أعضاء جهاز الضبط القضائي سلطة التصرف في نتائج بحثهم و تحرياتهم إذ بمجرد انتهائه منه يوافي وكيل الجمهورية بالمحضر و الملف ليتخذ هذا الأخير ما يراه لازما بشأنه .

الفرع الثاني :
سلطات وكيل الجمهورية :
يخول وكيل الجمهورية سلطات على ضباط الشرطة القضائية و جهاز الضبط القضائي ، تبدو فيها مظاهر تبعية هذا الجهاز في الآتي :(1)
1- تكليف طبيب لفحص الموقوف للنظر لدى الضبطية القضائية من الشرطة أو الدرك الوطني ، سواء تم هذا التكليف من تلقاء نفس وكيل الجمهورية أو بناءا على طلب أحد أفراد عائلة الموقوف للنظر (المادة 52/4 ق.إ.ج) .
2- توقيع وكيل الجمهورية دوريا على السجل الذي يمسكه الضابط في مراكز الشرطة أو الدرك و الذي تذكر فبه البيانات الخاصة بالتوقيف للنظر ، كسماع أقواله أو امتناعه و توقيفه و أسبابه (المادة 52 ق.إ.ج) .
3- يجب على الضابط تقديم السجل الخاص ، الذي يمسكه في كل مركز من مراكز الشرطة أو الدرك لوكيل الجمهورية و لكل جهات الرقابة في كل وقت تطلبه ، لأن القانون يجرم امتناع ضابط الشرطة القضائية عن هذا التقديم (المادة 110 مكرر /1 قانون عقوبات) .
4- توجيه وكيل الجمهورية ما يراه ضروريا من تعليمات لضباط الشرطة القضائية ، و النظر فيما يمكن اتخاذه من إجراءات في كل واقعة معروضة عليه .
5- تقييم وكيل الجمهورية لعمل أعوان الضبطية القضائية و تنقيطهم ، مع أخذ التنقيط بعين الاعتبار في ترقيتهم ، فتنص المادة 18 مكرر الفقرة 2 و 3 :"يتولى وكيل الجمهورية تحت سلطة النائب العام تنقيط ضباط الشرطة القضائية العاملين بدائرة اختصاص المحكمة"،"يؤخذ التنقيط في الحسبان عند كل ترقية".
6- سلطة التصرف في نتائج البحث و التحري بحفظ الأوراق أو بتحريك الدعوى أو رفضها بحسب الأحوال (المادة 36 ق.إ.ج) .

المطلب الثاني :
رقابة غرفة الاتهام على الضبط القضائي :
تقرر المادة (12 ق.إ.ج) أن جهاز الضبطية القضائية –بعد النص على إدارته و الإشراف عليه من اختصاص النيابة العامة- جهاز يخضع لرقابة غرفة الاتهام ، و هي جهة قضائية ،"... و ذلك تحت رقابة غرفة الاتهام لذلك المجلس " فينظم قانون الإجراءات الجزائية هذه الرقابة في المواد 206 إلى 211 منه ، فتنص المادة 206 :" تراقب غرفة الاتهام أعمال ضباط الشرطة القضائية الموظفون و الأعوان المنوطة لهم بعض مهام الضبط القضائي الذين يمارسونها حسب الشروط المحددة في المواد 21 و التي تليها من هذا القانون " . و هذا يعني أن القانون الجزائري لم يكتف بإدارة و إشراف النيابة العامة على جهاز الضبطية القضائية و ما تتضمنه هذه الإدارة و الإشراف من تبعية و رقابة على عمله ، بل إنه أخضعه لرقابة قضائية تباشرها عليه غرفة الاتهام و هي رقابة يتحدد نطاقها بحسب ما يقرره القانون لضباط الشرطة القضائية من اختصاصات شبه قضائية التي ينص عليها قانون الإجراءات الجزائية في المادة 12 و مايليها (1)
تضطلع غرفة الاتهام بوظيفة المراقبة تلقائيا بمناسبة نظرها بقضية معروضة عليها ، و قد تمارس وظيفة الرقابة بناءا على طلب يقدمه النائب العام أو بناءا على طلب من رئيسها ، و هو اختصاص محلي يتحدد بنطاق كل مجلس قضائي فيخضع أعضاء جهاز الضبط القضائي على مستوى كل مجلس قضائي لرقابة غرفة الاتهام لنفس المجلس ، و يستثنى من هذه القاعدة ضباط الشرطة القضائية و أعوانهم التابعين لمصالح الأمن العسكري حيث أخضعهم لرقابة غرفة الاتهام لمجلس الجزائر العاصمة ، و هو ما يعني اختصاصا وطنيا لهذه الغرفة بالنسبة لتلك الفئة من جهاز الضبطية القضائية فتنص المادة 207/2 ق.إ.ج :"غير أن غرفة الاتهام بالجزائر العاصمة تعتبر صاحبة الاختصاص فيما يتعلق بضباط الشرطة القضائية للأمن العسكري ، و تحال القضية على غرفة الاتهام من طرف النائب العام ، بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية العسكري الموجود بالمحكمة العسكرية المختصة إقليميا " و تباشر غرفة الاتهام الرقابة –و قد جاء في قرار المحكمة العليا أن رقابة غرفة الاتهام يتحدد بنطاق المادة 18 إ.ج و التزام ضباط الشرطة القضائية بأحكامها – على الضبط القضائي عن طريق الإجراءات المتعددة .

الفرع الأول :
الأمر بإجراء تحقيق :

إذا عرض على غرفة الاتهام بحسب الأوضاع التي تنص عليها المادة (207 ق.إ.ج) أمر يتعلق بمخالفة اقترفها عضو في الضبط القضائي ، أو لتجاوز حدود اختصاصه . تأمر الغرفة بإجراء تحقيق في الموضوع تسمع خلاله لطلبات النيابة العامة ممثلة في النائب العام باعتبارها جهة إدارة و إشراف على جهاز الضبط ، و يمكن للعضو المحقق معه من تقديم أوجه دفاعه بالاطلاع على ملفه المحفوظ لدى النيابة في المجلس ، و الاستعانة بمحامي يحضر معه التحقيق ، فتنص المادة 208 ق.إ.ج :" إذا ما طرح الأمر على غرفة الاتهام فإنها تأمر بإجراء تحقيق و تسمع طلبات النائب العام و أوجه دفاع ضابط الشرطة القضائية صاحب الشأن ، و يتعين أن يكون هذا الأخير قد مكن مقدما من الاطلاع على ملفه المحفوظ ضمن ملفات ضابط الشرطة القضائية لدى النيابة العامة للمجلس ، و إذا تعلق الأمر بضابط الشرطة من الأمن العسكري يمكن من الاطلاع على ملفه الخاص ، المرسل من طرف وكيل الجمهورية العسكري المختص اقليميا" (1)

الفرع الثاني :
توقيع الجزاءات ذات الطبيعة التأديبية :
يقرر قانون الإجراءات الجزائية سلطة غرفة الاتهام في فرض جزاءات ذات طبيعة إدارية أو تأديبية على عضو الضبط القضائي ، الذي تثبت في حقه مخالفة تستوجب مثل هذه الجزاءات ، فلها سلطة توجيه ما تراه لازما من ملاحظات . و إن توقفه عن العمل بصفته ضابط للشرطة القضائية أو عون لها مؤقتا على مستوى دائرة إختصاصه العادية أو على مستوى المجلس القضائي أو حتى على المستوى الوطني ، و لها أن تسقط عليه الصفة نهائيا (209 ق.إ.ج) .
و تبلغ القرارات المتخذة ضد عضو الشرطة القضائية للسلطات الإدارية أو العسكرية التي يتبعها (المادة 211 إ.ج) . بناءا على طلب من النائب العام و قد أغفل المشرع الجزائري النص على وجوب تبليغ القرار للمعني بالأمر ، إلا أن القواعد تقضي بوجوب تبليغه بكل قرار يتخذ بشأنه لأنه شرط ضروري لمساءلته فيما بعد عن مدى احترامه للمنع من الممارسة المقررة ، أي بحرمانه من ممارسة اختصاصاته محليا أو وطنيا بصفة مؤقتة أو مستمرة و دائمة ، خاصة و أن القانون يجرم ممارسة الوظيفة بعد العزل أو الوقف عن ممارستها . و تنص المادة 142 قانون العقوبات :" كل قاض أو موظف فصل أو ضابط عمومي أو عزل أو أقف أو حرم قانونا من وظيفته يستمر في ممارسة أعمال وظيفته بعد استلامه التبليغ الرسمي بالقرار المتعلق به يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين و بغرامة 500 إلى 1000 دج" .(1)

الفرع الثالث :
تحويل الملف إلى النائب العام :
إذا رأت غرفة الاتهام أن ما ينسب لعضو الضبط القضائي أو الشرطة القضائية يعد جريمة طبقا لقانون العقوبات ، بالإضافة لما خولها القانون من سلطة في الأمر لإجراء تحقيق فيما ينسب له و توقيع الجزاءات ذات الطبيعة التأديبية فإنها ترسل الملف للنائب العام . فإذا ما رأى النائب العام ثمة محلا لمتابعته عرض الأمر على المجلس القضائي الذي يأمر بتحقيق القضية بمعرفة أحد قضاة التحقيق الذي يختار من خارج دائرة الاختصاص التي يباشر فيها العضو المتهم اختصاصه و بإنهاء التحقيق معه يحال المتهم على الجهة المختصة ، إما الجهة التي تقع في دائرة اختصاص قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام بالمجلس القضائي بحسب الأحوال ، أنظر (المواد 210 ، 576 ، 577 ق.إ.ج) .
أما بالنسبة لعضو الضبطية القضائية ضابطا كان أو عونا التابع لمصالح الأمن العسكري ، فإن غرفة الاتهام المعنية تحول الملف إلى وزير الدفاع ، ليتخذ بنفسه ما يراه مناسبا من إجـراءات ضـد عضـو الشرطة القضائية التابع لمصالح الأمن العسكري طبقا ( المادة 210 إ.ج) (1)

المطلب الثالث :
اختصاصات غرفة الاتهام :

تقوم غرفة الاتهام بدور هام بصفتها درجة استئناف أوامر قاضي التحقيق بغض النظر عن الجهة المستأنفة ، سواء كان الاستئناف من طرف وكيل الدولة أو النائب العام أو المتهم أو الطرف المدني أو المسؤول المدني و يتعلق الأمر كذا –هنا بالأوامر التي يصدرها التحقيق عند مباشرته الوظائف القضائية، أما الأوامر الولائية فلا يجوز استئنافها من الأطراف عدا وكيل الجمهورية الذي تخول له المادة 170 من قانون الإجراءات الجزائية استئناف جميع أوامر قاضي التحقيق ، و كذا أمر النائب العام ، و هذا خلال 20 يوما من صدور أمر قاضي التحقيق ، أما الأطراف الأخرى بما فيهم وكيل الدولة فيكون الاستئناف وجوبا خلال 3 أيام من صدور الأمر . المادة 168 ق.إ.ج (1)

الفرع الأول :
التحقيق كدرجة عليا :

سبق القول بأن غرفة الاتهام تعتبر درجة عليا للتحقيق أي درجة ثانيا للتحقيق ، في مواد الجنايات لأن القانون قرر أن يكون التحقيق في مواد الجنايات على درجتين ، طبقا للمادة 66 ق.إ.ج ، و تنص 166 من نفس القانون :" إذا رأى قاضي التحقيق أن الوقائع تكون جريمة وصفها القانون جناية يأمر بإرسال الملف الدعوى و قائمة بأدلة الإثبات بمعرفة وكيل الجمهورية بغير تمهل إلى النائب العام لدى المجلس القضائي لاتخاذ الإجراءات وفقا لما هو مقرر في الباب الخاص بغرفة الاتهام " و عليه فإن التحقيق في الجنايات يجب أن يتم على درجتين ، الأولى بواسطة قاضي التحقيق و الثانية بواسطة غرفة الاتهام ، فلا يحيل قاضي التحقيق القضايا الجنائية للمحاكمة مباشرة (2) و تتمتع غرفة الاتهام بهذه الصفة بجميع صلاحيات التحقيق فيجوز لها سواءا من تلقاء نفسها أو بناءا على طلب النائب العام أو أحد الخصوم ، الأمر باتخاذ جميع إجراءات التحقيق التكميلية التي تراها ضرورية و لازمة ، و من صلاحياتها بهذه الصفة :
1- لها أن تأمر بألا وجه للمتابعة طبقا لمادة (195 ق.إ.ج) إذا ما رأت أن الوقائع المعروضة عليها لا تكون جريمة من الجرائم المنصوص عليها قانونا ، أو لعدم توافر الدلائل الكافية لإدانة المتهم ، أو بقاء هذا الأخير مجهولا .
2- الأمر بحبس المتهم مؤقتا أو الإستمرار فيه أو الإفراج عنه متى رأت داع لذلك (المادتان 186 – 192 ق.إ.ج)
3- ندب قاضي التحقيق لإجراء تحقيق تكميلي أو إضافي ، المادة 190 إ.ج كسماع أقوال المدعي المدني ، الذي يعلن عن استعداده لإعطاء معلومات جديدة .
4- لها سلطة توجيه الإتهام لكل شخص لم يكن قد أحيل إليها ما لم يسبق أن صدر بشأنه أمر بألا وجه للمتابعة ، بالنسبة للوقائع التي تكون ناتجة من ملف الدعوى ( المادة 189 إ.ج).
5- الأمر بإحالة ملف الدعوى إذا كانت الوقائع المنسوبة للمتهم مؤسسة فإنها تحيل القضية للجهة القضائية المختصة على النحو التالي :
أ‌) الإحالة لمحكمة الجنايات : إذا كانت الوقائع توصف بالجناية وفق التحديد القانوني في المادتين 5 و 27 ق.ع و كذا بالنسبة لكل الجرائم المرتبطة بها و يتضمن هذا الأمر بيان الوقائع موضوع الاتهام و تحديد وصفها القانوني ، تأمر غرفة الاتهام بإحالة القضية إلى محكمة الجنايات .
ب‌) الإحالة إلى المحكمة : إذا كانت الوقائع المنسوبة للمتهم جنحة أو مخالفة طبقا لنصي (المادتين 5 و 7 ق.ع) تحيل القضية لمحكمة الجنح و المخالفات و الملاحظة أنه يجب أن يخلى سبيل المتهم إذا كانت الواقعة المنسوبة إليها جنحة معاقب عليها بغرامة فقط ، أو كانت مخالفة (المادة 196 إ.ج) و في الأحوال الأخرى يجب إحترام القواعد المقرر في الحبس المؤقت و الجرائم التي يجوز الأمر به بسببها .
6- حق غرفة الاتهام في التصدي أثناء نظرها فيما يعرض عليها من القضايا فتنص المادة (191 إ.ج) على أنه :" تنظر غرفة الاتهام في صحة الإجراءات المرفوعة إليها و إذ انكشف بها سبب من أسباب البطلان قضت ببطلان لإجراء المشوب به ، و عند الإقتضاء ببطلان الإجراءات التالية به كلها أو بعضها و لها بعد الإبطال أن تتصدى لموضوع الإجراء أو تحيل الملف إلى قاضي التحقيق نفسه أو لقاضي غيره لمواصلة إجراءات التحقيق " ، و تنص الفقرة الثانية من المادة 192 إ.ج :" و إذا حدث في أي موضوع آخر أن ألفت غرفة الاتهام أمر قاضي التحقيق فإن لها أن تتصدى للموضوع و تحيل الملف إلى قاضي التحقيق نفسه أو لقاضي غيره لمواصلة التحقيق ما لم يكن حكم الإلغاء قد أنهى التحقيق "(1)
و هذا يعني أن لها أن تتصدى بالنظر في الإجراء أو الإجراءات المعروضة عليها ، بمناسبة قيامها بالتحقيق باعتبارها جهة عليا للتحقيق ، لتدارك ما قد يكون قد أغفله المحقق و الفصل فيه نهائيا ، و هذا ما لم تر إحالة الملف إلى القاضي المحقق أو أي قاضي آخر .
7- الفصل في رد الأشياء المضبوطة ، حيث تختص غرفة الاتهام بنظر التظلم المقدم من المتهم أو المدعي المدني أو أي شخص آخر في قرار قاضي التحقيق بشأن استرداد الأشياء الموضوعة تحت سلطة القضاء طبقا لحكم (المادة 86 إ.ج) و تفصل كذلك في الطلبات أثناء نظرها القضية باعتبارها جهة تحقيق عليا فتنص المادة 195 إ.ج :" و تفصل غرفة الاتهام في الحكم نفسه في رد الأشياء المضبوطة ، و تظل مختصة بالفصل في رد هذه الأشياء عند بعد صدور ذلك الحكم " . و هذا يعني أن الغرفة تختص بالرد في حالتين هما :
أ) التظلم من أصحاب المصلحة في الرد كالمتهم أو المدعي المدني أو أي شخص آخر .
ب) إذا رأت غرفة الاتهام أن الواقعة المعروضة عليها لا تكون جريمة جناية أو جنحة أو مخالفة فأصدرت أمرا بألا وجه للمتابعة فتفصل في الرد في نفس الأمر ، و تظل مختصة بالفصل في بعد الأمر ، بشرط أن لا تكون تلك الأشياء المضبوطة جريمة كالمخدرات و حمل الأسلحة بدون ترخيص .

الفرع الثاني
تصحيح الإجراءات الباطلة :

القاعدة المقررة قانونا هي اشتراط أن يكون الإجراء الذي يبادر به قاضي التحقيق ضروريا لمجرى التحقيق تطبيقا لحكم المادة (168 إ.ج) التي تنص :" يقوم قاضي التحقيق وفقا للقانون باتخاذ جميع إجراءات التحقيق التي يراها ضرورية للكشف عن الحقيقة ، بالتحري عن أدلة الاتهام و أدلة النفي " و كذلك يشترط فيه أن يكون صحيحا ، صادرا وفق القيود و الشروط المحددة قانونا ، و تقوم الغرفة من تلقاء نفسها ، أو بناءا على طلب قاضي التحقيق أو وكيل الجمهورية بتصحيح الإجراء أو الإجراءات أو تقر البطلان بالنسبة للإجراء المشوب به ، أو تقرر البطلان بالنسبة للإجراءات اللاحقة له كلها أو بعضها أو أن تأمر قاضي التحقيق أو أي قاض آخر بإعادة الإجراء أو الإجراءات الباطلة فتنص المادة 158 إ.ج :" إذا تراءى لقاضي أن إجراء من إجراءات التحقيق مشوب بالبطلان فعليه أن يرفع الأمر لغرفة الاتهام بالمجلس القضائي بطلب إبطال هذا الإجراء بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية و اخطار المتهم و المدعي المدني " ،" فإذا تبين لوكيل الجمهورية أن بطلانا قد وقع فإنه يطلب إلى قاضي التحقيق أن يوافيه بملف الدعوى ليرسله إلى غرفة الاتهام و يرفع لها طلبا بالبطلان " و للغرفة سلطة النظر في صحة الإجراءات المرفوعة أمامها ، فتقضي بطلانها كلما جد لها سبب من أسباب البطلان فتنص الفقرة الأخيرة من المادة 158 و في كلتا الحالتين تتخذ غرفة الاتهام إجراء وفق ما ورد في (المادة 191)(1)
و تنص المادة 191 إ.ج :" تنظر غرفة الاتهام في صحة الإجراءات المرفوعة إليها و إذا انكشف لها سبب من أسباب البطلان قضت ببطلان الإجراء المشوب به ، و عند الإقتضاء ببطلان الإجراءات التالية له كلها أو بعضها ...."


الفرع الثالث :
البطـــــــــلان :
البطلان جزاء موضوعي تقرره غرفة الاتهام نتيجة تخلف شروط الصحة كلها أو بعضها ، من شأنه أن يرتب عدم إنتاجه لآثاره القانونية ، ذلك أن القواعد الإجرائية وضعت بغرض الكشف عن حقيقة الجريمة و المساهمين في ارتكابها بما يضمن للمتهم حقوقه و حرياته الأساسية مما يتطلب عند عدم احترام الإشكال القانونية أو مخالفتها ، توقيع الجزاء الموضوعي و هو البطلان و قد نظم القانون البطلان بأسلوبين مرة يرتبه صراحة في حالة توافر أسبابه المحددة في القانون تحديدا دقيقا و هو ما يطلق عليه البطــلان المطلق ، و مرة أخرى يرتبه عن مخالفة الأحكام الجوهرية و هي حالات غير محدد (1)
و الملاحظ أن المشرع الجزائري يعتنق في قانون الإجراءات الجزائية مذهب البطلان النسبي ، لأنه سمح للمعني بالأمر أن يتنازل صراحة عن حقه في التمسك بالبطلان ، فلا يكفي سكوت المتهم مثلا عن تمسكه بالبطلان فتنص (المادة 157 فقرة 2 إ.ج) :" و يجوز للخصم الذي لم تراع في حقه أحكام هذه المواد أن يتنازل عن التمسك بالبطلان و يصحح بذلك الإجراء ويتعين أن يكون التنازل صريحا و لا يجوز أن يبدى إلا في حضور المحامي أو بعد استدعائه قانونا " و في نفس الوقت يقرر في أحوال معينة البطلان المطلق أو القانوني
أولا :حالات البطلان القانوني :
يقرر قانون الإجراءات الجزائية في هذه الحالات البطلان بمجرد توافر الوضع المنصوص عليه قانونا و هي :
01- بطلان التفتيش خرقا لحكم المادتين 45-47 إ.ج
تقرر المادة 48 إ.ج بطلان التفتيش الذي يتم بمخالفة الأحكام القانونية المقرر في المادتين 45 – 47 إ.ج و هي التي تقرر وجوب إجرائه بحضور صاحب المسكن أو من ينوب عنه أو بحضور شاهدين ، و أن يتم بين الساعة الخامسة صباحا و الثامنة مساءا فتنص :" يجب مراعاة الإجراءات التي استجوبتها المادتان 45 – 47 و يترتب علــى مخالفتهـا البطـلان " 02- بطلان الاستجواب خرق لحكمي المادتين 100 – 105 إ.ج :
تنص المادة 157 إ.ج على وجوب مراعاة قاضي التحقيق للأحكام المقررة في المادتين 100 و 105 إ.ج المتعلقتان بالحضور الأول و ما يقرره القانون من حقوق للمتهم ، و على قاضي التحقيق احترامها ، و بسماع المتهم و المدعي المدني و المواجهة بينهما إلا بحضور محاميها المتعلقتان بالاستجواب و سماع المدعي المدني ، و إلا ترتب البطلان على مخالفتها .
ثانيا : حالات البطلان لمخالفة القواعد الجوهرية :
تنص المادة 159 إ.ج :" يترتب البطلان أيضا على مخالفة الأحكام الجوهرية المقررة في هذا الباب خلاف الأحكام المقررة في المادتين 100 و 105 إذا ترتب على مخالفتها إخلال بحقوق الدفاع أو حقوق أي خصم في الدعوى" و المستخلص من هذه المادة أن المشرع وضع قاعدة عامة يترتب على مخالفتها بطلان الإجراء ، و هي قاعدة عامة تتعلق بحقوق الدفاع و حق الخصوم في الدعوى ، تاركا أمر تحديد الحالات التي تدخل تحتها لاجتهاد القضاء و الفقه و تعتبر ضمن تلك الحقوق المرتبة للبطلان عند مخالفتها مايلي :
1- عدم استجواب المتهم و لو مرة واحدة قبل إحالته على الجهة القضائية المختصة(1)
2- عدم ابلاغ الخصوم بموعد إجراء التحقيق .
3- عدم تبليغ الخصوم الأوامر القضائية الصادرة عن قاضي التحقيق لاستعمال حقهم في استئنافها وفق ما يقرره القانون .
4- عدم تبليغ المتهم قرار الاتهام .
5- أن يجلس قاضي التحقيق للحكم في قضية ما ، كان قد سبق له و أن حقق فيها .
6- الاستناد لاعتراف متهم تحت وطأة التعذيب أولى به أمام ضباط الشرطة القضائية بناءا على إنابة قضائية .
7- أعمال التحقيق التي يقوم بها الضابط بناءا على إنابة عامة .

المطلب الرابع :
الطعن بالنقض في قرارات غرفة الاتهام :

إن قرارات غرفة الاتهام يمكن الطعن فيها بطريق الطعن أمام الغرفة الجزائية لدى المحكمة العليا ، غير أن القرارات التي يجوز الطعن فيها في هذا الصدد محدد طبقا (للمادة 495 إ.ج) المعدل بقانون 26/01/1985 (1) ، و هي جميع قراراتها ما عدا ما يتعلق منها بالحبس الاحتياطي ، بعبارة أخرى بما في ذلك قرارات الإحالة الصادرة منها في قضايا الجنح و المخالفات عندما تفصل في الاختصاص أو أنها فصلت نهائيا في الدعوى المدنية ، و كذلك الجنايات و كذا قرارات انتفاء وجه الدعوى ...إلخ .
و بذلك فالاستئناف الأوحد الوارد هو ما يتعلق بالحبس الاحتياطي فإن قرارات غرفة الاتهام بقبول أو رفض الإفراج المؤقت نهائيا ، و يمتد هذا الاستثناء في رأينا إلى القرارات التي تنظر فيها غرفة الاتهام في مسألة الرقابة القضائية ، و هكذا يجوز للمدعي المدني الطعن بالنقض في قرارات غرفة الاتهام في الحالات التالية :
- إذا قررت عدم قبول دعواه .
- إذا قررت ألا محل لإدعائه بالحقوق المدنية .
- إذا قررت غرفة الاتهام وضع نهاية للدعوى المدنية .
- إذا سعت غرفة الاتهام عن الفصل في وجه من أوجه الاتهام .
إذا كان قرارها معيبا شكلا بحيث أنه غير مستكمل للشروط الجوهرية المقررة قانونا لصحته(2)
في جميع الحالات الأخرى عندما يكون ثمة طعن بالنقض من طرف النيابة العامة (انظر قرار غرفة الاتهام 08 جويلية 1986 ص 233 من تقنين الإجراءات الجزائية ) .
هذا أن الطعن بالنقض في قرارات غرفة الاتهام جائز من طرف المدعي المدني كما سبق الشرح ، و كذا من النيابة العامة أو المتهم أو المسؤول المدني .
و يكون ذلك خلال 8 أيام من يوم النطق بالقرار ، و إذا كان أحد الأطراف بالخارج يكون موعد الطعن بالنقض شهرا واحدا .
هذا و لا يجوز أن يبنى الطعن بالنقض في قرارات غرفة الاتهام إلا وفقا للمادة 500 من قانون الإجراءات الجزائية .
و أن يكون ذلك بإيداع مذكرة كتابية موقعة من طرف محام مقبول لدى المحكمة العليا و أن يتم تسديد الرسوم لذلك ، ما لم يكن الطاعن معفى من ذلك .
مناقشة قراري المحكمة العليا قضية رقم : 855/14565 المؤرخ في 03/06/1956 و قضية رقم : 1063/180840 المؤرخ في 30/09/1997 ، بعد قراءاة سريعة يمكن ابداء الملاحظات التالية :

أولا : فإذا كانت المادة 496/2 من قانون الإجراءات الجزائية لا تجيز(1) الطعن بالنقض في قرارات غرفة الاتهام المتعلقة بالإحالة في مواد الجنح و المخالفات إلا أن قرارها بالإحالة في مواد الجنايات يمكن الطعن بالنقض فيها .

ثانيا : إن مناقشة المحكمة العليا لقرار غرفة الاتهام دون مناقشتها للقرارات القضائية في مواد الجنح و المخالفات بمعنى لابد من مراعاة عناصر التسبيب القانوني لعناصر الجريمة ، بينما الحكم الجنائي الذي يصدر طبقا لقاعدة الاقتناع الذاتي ، فلا تناقشه المحكمة العليا من حيث إشارة عناصر الجريمة ، و لكن يكفي أن تكون الأسئلة عن الإدانة من عدمها ، و ألا تكون هذه الأسئلة غامضة أو متشعبة .

ثالثا : و لكن الغريب في الأمر أن المحكمة العليا عند نظرها في القرارين السابقين تناقضت تناقضا خطيرا و ذلك كمايلي :
الطعن بالنقض يخص قرارين صادرين عن غرفة الاتهام نفسها : الأول بألاوجه للمتابعة ، فالمحكمة العليا نقضته بسبب عدم التسبيب الكافي لحالة الدفاع المشروع ، و الثاني بالإحالة على محكمة الجنايات و الخالي كذلك من التسبيب عن عدم وجود حالة الدفاع المشروع ، إذا أن القرار اكتفى بالقول "حيث شروط الدفاع الشرعي غير متوفرة " و أن المحكمة العليا في هذه المرة ترى أن حالة الدفاع المشروع مسألة تناقش فقط من طرف قضاة محكمة الجنايات الذين لهم السلطة التقديرية .

رابعا :إن الطعن بالنقض في قرار غرفة الاتهام الصادر بألا وجه للمتابعة يتقرر للطرف المدني ، و رغم غياب طعن النيابة العامة في حالة النقض تعود بشقيها المدني و الجزائي معا ، خلاف الأحكام الصادرة بالبراءة فالطعن بالنقض من الطرف المدني لا يمس الدعوى العمومية لا من بعيد و لا من قريب (1) .

المطلب الخامس :
رد الاعتبار القضائي :
بالإضافة إلى دور غرفة الاتهام الكبير على اختلاف مراحله و مراقبتها له فقد خول لها المشرع سلطات أخرى بالرغم من أنها خارجة عن التحقيق أصلا ، و لكن تمس أساسا ميدان العقوبات حد ذاته أو رد الاعتبار على مجموع العقوبات طبقا للمادة (679-693 ق.إ.ج) بحيث ترفع طلبات رد الاعتبار أمام غرفة الاتهام حيث يجوز رد اعتبار كل شخص محكوم عليه ، فيشتمل طلب رد الاعتبار على مجموع العقوبات الصادرة التي تم أو يتم محوها عن طريق رد الاعتبار سابق أو بمقتضى العفو الشامل . يرد الاعتبار شروط الإجــراءات و آثاره (2)


الفرع الأول :
شروط رد الإعتبار :

يجب أن يشمل رد الاعتبار القضائي على الشروط المنصوص عليها في المواد من 680 إلى 689 ق.إ.ج و هي :
1- لا يجوز رفع طلب رد الاعتبار إلى القضاء إلا من المحكوم عليه بجناية أو جنحة و إذا كان محجوز عليه فيرفع الطلب نائبه القانوني و حالة وفاة المحكوم عليه يجوز لأصوله أو لفروعه أو زوجته تتبع الطلب أو أن يتولي تقديم طلب رد الاعتبار في ظرف (سنة) من يوم الوفاة وفقا (للمادة 680 إ.ج) .
2- قبل انقضاء مدة ثلاث سنوات لا يجوز تقديم هذا الطلب و تقدير هذه المهلة إلى خمسة سنوات و ذلك بالنسبة للمحكوم عليه بعقوبة جناية و تبدأ سريان هذه المدة من يوم الإفراج عن المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية و من يوم تسديد الغرامة بالنسبة للمحكوم عليهم بهذه الغرامة و هذا ما نصت عليه المادة (681 إ.ج) .
3- لا يجوز للمحكوم عليهم العائدين أو ممن حكم عليهم بعقوبة جديدة يصدر اعتبارهم أن يقوموا طلبا في الموضوع إلا بعد مضي مهلة ستة سنوات من الإفراج عليهم إذا كانت العقوبة الجديدة لجناية رفعت مدة الاختبار إلى عشرة سنوات وفقا للمادة 682 فقرة 2،3 إ.ج .
4- لا يقبــل رد الاعتبــار إذا كانــت العقوبــة قــد سقطــت بالتقــادم هــذا مــا جــاء بالمادة 682 فقرة 3 .
5- يتعين على المحكوم عليه أن يثبت قيامه بسداد المصاريف القضائية و الغرامة و التعويضات المدنية و أنه قضى مدة الإكراه البدني فإذا كان محكوم عليه بالإفلاس بطريق التدليس فعليه أن يثبت وفاءه لديون التفليسة و هذا الحالة المنصوص عليها في المادة 684 ق.إ.ج .
6- تنص المادة 684 ق.إ.ج على أنه لا يتقيد رد الإعتبار بأي شرط زمني متعلق بتنفيذ العقوبة إذا حدث بعد ارتكاب الجريمة أن رد المحكوم خدمات جليلة للبلاد مخاطرا بحياته في سبيل ذلك (1)

الفرع الثاني :
إجراءات رد الإعتبار :
يقدم المحكوم عليه طلب رد الإعتبار لوكيل الجمهورية بدائرة محل لإقامة صاحب الطلب و يتعين عليه أن يذكر في طلبه و بدقة تاريخ الحكم و الأماكن التي أقام بها منذ الإفراج عنه ، و يقوم وكيل الجمهورية بإجراء تحقيق عن طريق الشرطة أو الأمن في الجهات التي يقيم بها المحكوم عليه و يستطلع رأي القاضي في تطبيق العقوبات و يحصل وكيل الجمهورية على نسخة من الحكم الصادر بالعقوبة و على مستخرج من سجل الإيداع بمؤسسة إعادة التربية التي قضى فيها المحكوم عليه مدة العقوبة .
و كذلك رأي المدير و الرئيس المشرف على المؤسسة بالإضافة إلى القسيمة رقم 1 من صحيفة السوابق العدلية ثم ترسل هذه المستندات مشفوعة برأي وكيل الجمهورية إلى النائب العام و هذا وفقا لما جاء في المادة 687 ق.إ.ج .
يقوم النائب العام بدوره برفع الطلب و المستندات إلى غرفة الاتهام بالمجلس كما يجوز للطالب نفسه أن يقوم مباشرة بتقديم كل المستندات المفيدة لغرفة الاتهام .
و حسب ما نصت عليه المادة 689 ق.إ.ج فإن غرفة الاتهام تفصل في الطلب خلال شهرين بعد إيداع طلبات النائب العام و سماع أقوال الطرف العني و المحامي أو بعد استدعائه بصفة قانونية .
و حتى في الحالة المنصوص عليها في المادة 684 ق.إ.ج فإنه لا يجوز في حالة رفض الطلب تقديم طلب جديد قبل انقضاء مهلة سنتين اعتبارا من تاريخ الرفض (2)
و الطعن في حكم غرفة الاتهام المتعلق برد الاعتبار لدى المجلس الأعلى ضمن الشروط القانونية .
الفرع الثالث :
آثار رد الاعتبار :

تنص المادة 276 فقرة 2 على أنه بمجرد رد الاعتبار في المستقبل كل آثار الإدانة العادية و ما نجم عنها من حرمان الأهلية و ينوه على الحكم الصادر برد الاعتبار على هامش الاحكام الصادرة بالعقوبة بصحيفة السوابق القضائية و في هذه الحالة لا ينوه عن العقوبة في الصحيفتين الثانية و الثالثة من صحيفة السوابق العدلية (1)

المبحث الثالث :
الرقابة القانونية على أعمال الضبطية القضائية "المسؤولية الشخصية"
يقرر القانون جزاءا شخصيا لضباط الشرطة القضائية ، بتحميلهم نتائج خطئهم متى وصل درجة من الخطورة يعتد بها ، أي عما قد ينسب إليهم من أخطاء أثناء مباشرة وظيفتهم في الضبطية القضائية ، و هو جزاء يختلف من حيث طبيعته باختلاف الخطأ و طبيعته ، فقد يكون الخطأ خطأ مدنيا لا يستوجب غير المسؤولية المدنية طبقا (للمادة 124 من القانون المدني) ، و قد يكون خطأ إداريا يستوجب المسؤولية التأديبية أو الإدارية ، و قد يرقى الخطأ إلى درجة





مقدمة الفصل

إن المهمة الرئيسية للضبطية القضائية هي البحث و التحري عن الجرائم المقررة قانونا و جمع الأدلة عنها و البحث عن مرتكبيها مادام لم يقع تحقيق قضائي ، أما بعد افتتاح التحقيق القضائي فإن مهمتها تنحصر في تنفيذ تفويضات جهات التحقيق و تلبية طلباتها و يمارس ضباط الشرطة القضائية أعمالهم تحت إدارة وكيل الجمهورية و إشراف النائب العام لدى المجلس القضائي و مراقبة غرفة الاتهام و باعتبار أن وكيل الجمهورية و هو الذي يمثل النيابة العامة على مستوى المحكمة فالنيابة وحدها هي التي تتصرف في التهمة بعد الاستدلالات دون ضباط الشرطة القضائية الذين قاموا بجمع تلك الاستدلالات و عليه و أيا كانت وسيلة تحريك الدعوى العمومية فإن النيابة تلتزم بمراعاة ما قد يفرضه القانون في هذا الصدد بالنسبة لبعض الجرائم من شكوى أو طلب أو إذن و على هذا نتناول الرقابة على أعمال الضبطية القضائية .

المبحث الأول :
ماهية الرقابة على أعمال الضبطية القضائية :
المطلب الأول :
الرقابة القضائية على الضبط القضائي :
الضبطية القضائية هي جهاز يتولى التحري و جمع الاستدلالات عن الجرائم المرتكبة و التحري عن مرتكبيها و تعقبهم ، و القبض عليهم لإقرار العدالة و توقيع الجزاء على مرتكبيها فهي بذلك تعد جهازا مساعدا للسلطة القضائية في أداء مهمتها (1) .
تبدأ وظيفة الضبط القضائي حيث تنتهي وظيفة الضبط الإداري فلا يتدخل مأمور الضبط القضائي – بصفته هذه – إلا إذا وقع إخلال فعلي بالنظام العام يسمى جريمة –حيث يمارس إجراءات و سلطات حددتها القوانين المختلفة بحدود متفاوتة .
و وظيفة الضبط القضائي في نظام الاتهام العام لا تؤدي بمعرفة الأفراد إلا بصفة استثنائية و عند حدود معينة كما في الإدعاء المباشر ، بل تؤدي بمعرفة موظفين تحددهم القوانين و تطلق عليهم مأموري الضبط القضائي (2) .
و يتفاوت المدى الممنوح لرجال الضبط القضائي في ممارسة الإجراءات المختلفة من خلال الدعوى الجنائية و المراحل الممهدة لها ، من تشريع لآخر .

يخضع رجال الضبط القضائي في قيامهم بمهام الضبط القضائي لإشراف وكيل الجمهورية المباشر في دائرة كل محكمة ، و لإشراف النائب العام في دائرة المجلس القضائي ، على أن هذه الرقابة تقتصر على وظيفة الضبط القضائي ، دون أعمال وظيفتهم المعتادة –أي الأصلية- و التي يخضعون في أدائها لرؤسائهم الإداريين فحسب .
و تفسر تبعية رجال الضبط القضائي للنيابة العامة بأنهم يقومون بجمع الاستدلالات بشأن الجرائم ، سواء بتكليف من وكيل الجمهورية ، أو من تلقاء أنفسهم و أن جمع الاستدلالات يمهد للدعوى العمومية ، سواء بتحريكها أمام قضاء التحقيق أو الحكم أو بحفظها و هو ما تختص به النيابة العامة ، و تباشر النيابة العامة رقابتها على الضبط القضائي من خلال عدة إجراءات (1)
الفرع الأول :
مبادرة ضباط الشرطة القضائية اخطار وكيل الجمهورية :
فضباط الشرطة القضائية يبادرون باخطار وكيل الجمهورية بالجنايات و الجنح التي تصل إلى علمهم ، و يرسلون إليه محاضر جمع الاستدلالات التي يحررونها فور إنجازها و هذا ما تنص عليه المادة 18 قانون إجراءات جزائية " يتعين على ضباط الشرطة القضائية أن يحرروا محاضر بأعمالهم و أن يبادروا بغير تمهل إلى اخطار وكيل الجمهورية بالجنايات و الجنح التي تصل إلى علمهم" .
و عليهم بمجرد إنجاز أعمالهم أن يوافوه مباشرة بأصول المحاضر التي يحررونها مصحوبة بنسخة منها مؤشر عليها بأنها مطابقة لأصول تلك المحاضر التي حرروها و كذا بجميع المستندات و الوثائق المتعلقة بها و كذلك الأشياء المضبوطة.
و ترسل المحاضر الخاصة بالمخالفات و الأوراق المرفقة بها إلى وكيل الجمهورية لدى المحكمة المختصة.
و يجب أن ينوه في تلك المحاضر عن صفة الضبط القضائي الخاصة بمحرريها و لو لم تتضمن هذه المحاضر جريمة ما فذلك يختص بتقريره وكيل الجمهورية و يتسنى للنيابة العانة متابعة نشاط الضبطية القضائية ، و توجيهه نحو مصلحة المجتمع في الكشف عن الجرائم و معاقبة مقترفيها و إخلال ضابط الشرطة القضائية بواجبه هذا يعرضه لمراقبة و مسألة غرفة الاتهام عملا بالمادة 206 إ.ج " تراقب غرفة الاتهام أعمال ضباط الشرطة القضائية و الأعوان و الموظفون المنوطة بهم بعض مهام الضبط القضائي الذين يمارسونها حسب الشروط المحددة في المواد 21 و التي تليها من هذا القانون(1)

الفرع الثاني :
مساعدة رجال الضبطية القضائية وكيل الجمهورية :

يلتزم رجال الضبطية القضائية بمعاونة وكيل الجمهورية أثناء مباشرته بنفسه إجراءات البحث و التحري عن الجرائم ، كما ينفذون ما قد يأمر به في هذا الصدد حسب نص المادة 36 إجراءات جزائية و تنص :" و يقوم وكيل الجمهورية:
- بتلقي المحاضر ، الشكاوي و البلاغات و يقرر ما يتخذ بشأنها.
- يباشر بنفسه أو يأمر باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للبحث و التحري عن الجرائم المتعلقة بقانون العقوبات .
و يعد تقاعسهم عن ذلك إخلالا خطيرا بواجباتهم .

الفرع الثالث :
يجب على الضبط أخذ إذن من النيابة العامة :

يتعين على هؤلاء الضباط استئذان النيابة العامة بصدد كثير الإجراءات الهامة و إلا كانت باطلة ، و من ذلك تمديد حجز الأشخاص لصالح التحقيق الأولي في غير حالات التلبس ، و تفتيش منازل المشتبه في ارتكابهم جناية أو جنحة في حالة التلبس و تحقيقا لجدوى الرقابة خول النائب العام تقديم ضباط الشرطة القضائية إلى غرفة الاتهام لمسائلتهم عن الإخلالات المنسوبة إليهم ، بل و يجوز للغرفة من تلقاء نفسها أن تنظر في ذلك بمناسبة قضية مطروحة عليها المادة 207/01 إجراءات جزائية (1) و للغرفة أن توجه إليهم ملاحظات ، أو توقفهم عن مباشرة وظيفة الضبط القضائي بصفة مؤقتة ، أو بإسقاط تلك الصفة عنهم نهائيا (مادة 209 إجراءات جزائية) و لا يخل كل ذلك بالجزاءات التأديبية التي قد توقع عليهم من رؤسائهم التدريجيين ، أو بإرسال الملف للنائب العام إذا نسب إلى أحدهم إرتكاب جريمة المادة210 إجراءات جزائية .

الفرع الرابع :
قوة إثبات محاضر الضبط القضائي :
و أخيرا فإن المحاضر أو التقارير التي يحررها رجال الضبط القضائي لا يكون لها قوة الإثبات إلا إذا استوفت شرائطها الشكلية ، و حررها و أمضوها أثناء مباشرة أعمال وظيفتهم ، و أوردوا فيها عن موضوع داخل في نطاق اختصاصهم ما قد رأوه أو سمعوه أو عاينوه بأنفسهم (م 214 إ.ج) و من ثم فلا يكون لهذه المحاضر أو التقارير قوة في الإثبات إذا لم تحمل توقيع من حررها (2) و سوف نرى أن حتى و مع سلامتها تعتبر مجرد استدلالات تخضع لمطلق تقدير المحكمة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك المادة 215 إجراءات جزائية .
المطلب الثاني :
الرقابة الإدارية على الضبط القضائي :

إن وظيفة الضبطية الإدارية هي وظيفة وقائية تتمثل في منع وقوع الجرائم عن طريق إقرار الأمن و النظام في المجتمع حتى لا تقع الجرائم و هي في سبيل ذلك تقوم بعمل الدوريات التي يقوم بها رجال الشرطة و إجراءات التحقيق من شخصية الأفراد أو ما يقال لها الاستيقاف .
و تبدو أهمية التمييز بين الضبط الإداري و الضبط القضائي في أنه إذا حدث و قام رجال الشرطة أو أحد رجال السلطة العامة من غير من لهم صفة الضبط القضائي بأي إجراء من الإجراءات التي خولها القانون لرجال الضبطية القضائية فإن عمله يقع باطلا و لا يعتد به ، سواء لم يمنح هذه الصفة في الأصل أو خرج عن منح هذه الصفة عن نطاق إختصاصه المكاني أو النوعي (1)
كانت فكرة الضبط الإداري في مدلولها القديم تثير في الذهن صورة تنسيق المدينة و ترتيبها و تضمنت دلالتها على كل ما يتكافل و يرمي إلى تنظيم الجماعة في كنف الدولة و سيادة النظام فيها ، و تنظيم مرافقها العامة ، و انصرف هذا المعنى في فرنسا خلال القرن 18 إلى تحقيق أهداف في الجماعة السياسية عن طريق مجموعة الأوامر و القواعد التي تتولاها الهيئة الإدارية و تتمثل هذه النشاطات في تقييد الأفراد في بعض أوجه تصرفاتهم من أجل تحقيق أهداف الجماعة ، أي الجماعة السياسية (2)

و تبلورت أغراض الضبط الإداري في المفهوم الحديث في سيادة النظام العام و إشاعة الأمن و حياطة الصحة العامة و توفير السكينة ، و وضحت الوسيلة لتحقيق هذه الإغراض و ذلك بتدخلات الإدارة المشروعة في نشاطات الأفراد و الجماعات ، و برز من خلال هذه الأغراض – غرض يرمي لمنع وقوع الجريمة بالحيلولة دون وقوعها و بالسهر الدائب لمراعاة حسن تطبيق القوانين و الأنظمة ، و أولت القوانين الحديثة عناية خاصة بهذا الغرض كغرض يهدف إلى تحقيق الدفاع الاجتماعي للوقاية من الجريمة .
و لضمان التزام الأفراد و الجماعات بالواجبات التي تحقق تلك الأغراض سنت الدولة من القوانين و الأنظمة ما يكفل بمراعاة تلك الأغراض ، و تسند إلى مجموعة من الموظفين أمر مراقبة التقيد بهذه القوانين و التأكد من حسن تنفيذها ، و تتبع مجموعة الموظفين المكلفة بهذه القوانين السلطة التنفيذية في الدولة كونها صاحبة الولاية الضابطة على وجه الأصالة أو الإنابة التشريعية .
و الصفة الغالبة في مجموعة الموظفين المكلفين بوظيفة الضبط الإداري هي في مراتب الشرطة المختلفة ، سواء بإحالة قانونية مباشرة أو باختصاص أصيل بموجب قوانينهم الخاصة حيث يتدخل أعضاء الضبط الإداري في نشاطات الأفراد مستندين إما للوائح الضبط الإداري و هي اللوائح التي تصدرها السلطة التنفيذية بقصد المحافظة على النظام بعناصره الثلاث "الأمن العام ، السكينة العامة ، الصحة العامة"(1)

المبحث الثاني :
الرقابة القضائية على أعمال الضبطية القضائية :
المطلب الأول :
الإدارة و الإشراف :
تنص المادة 12 فقرة 2 قانون إجراءات جزائية :" و يتولي وكيل الجمهورية إدارة الضبط القضــائي و يشـــرف النائــب العام على الضبط القضائي بدائرة اختصاص كل مجلس قضائي ..."
و تنص المادة 36 قانون إجراءات جزائية :" ... يدير –أي وكيل الجمهورية- نشاط ضباط و أعوان الشرطة القضائية في دائرة اختصاص المحكمة و يراقب تدابير التوقيف للنظر".
و تنص المادة 18 مكرر فقرة 2 و 3 :"يتولى وكيل الجمهورية تحت سلطة النائب العام ، تنقيط ضباط الشرطة القضائية العاملين بدائرة اختصاص المحكمة " ، " يؤخذ التنقيط في الحسبان عن كل ترقية" . يستخلص من هذه النصوص أن المشرع عهد للسلطة القضائية – و قد سبق أن رأينا بأن عضو النيابة يعتبر من السلك القضائي ، إلا أنه يتميز هذا السلك بعدم تطبيق مبدأ استقلالية القضاء عليه ، فتحكمه مبادئ التبعية و عدم التجزئة و عدم الرد- ممثلة في النيابة العامة بسلطة الإدارة و الإشراف على الضبط القضائي و أعماله ، فوكيل الجمهورية يمارس سلطة الإدارة على مستوى المحكمة ، في حين يتولى النائب العام على مستوى المجلس القضائي الإشراف عليه –الضبط القضائي- فتنص الفقرة 1 من المادة 18 مكرر :" يمسك النائب العام ملفا فرديا لكل ضابط شرطة قضائية يمارس سلطات الضبط القضائي في دائرة اختصاص المجلس القضائي و ذلك مع مراعاة أحكام المادة 208 من هذا القانون ".(1)
و تبدو مظاهر تبعية الشرطة القضائية للنيابة العامة في الواجبات التي يفرضها القانون على أعضائها من الضبط و الأعوان من جهة ، و فيما أجازه لوكيل الجهورية من صلاحيات و سلطات عليهم من جهة أخرى .


الفرع الأول :
واجبات الضابط تجاه وكيل الجمهورية :

يعتبر رجال الضبط القضائي مساعدون مباشرون لوكيل الجمهورية و لهذه الصفة فإنهم ملزمون لتنفيذ الأوامر التي يتلقونها منه و من جهات التحقيق كما أنهم ملزمون بالبحث عن الجريمة و مرتكبيها و أن يثبتوا جميع الإجراءات التي يقومون بها في محاضر و أن يبينوا وقت اتخاذها و مكان حصولها و أسباب توقيف المشتبه فيهم و مدته طبقا للمادة 52 قانون إجراءات جزائية (1)
بالإضافة إلى هذا فقد قرر قانون الإجراءات الجزائية مجموعة من الواجبات تقع على عاتق ضابط الشرطة القضائية وفقا لما هو منصوص عليه في المادة 36 قانون إ.ج و التي تسمح لوكيل الجمهورية بأن يأمر أي عضو من جهاز الضبط القضائي للقيام بأي إجــراء يراه لازما ، يمكن إبراز بعضها كالتالي :
1- أن القانون يلزم ضابط الشرطة القضائية بوجوب اخطار وكيل الجمهورية فقط بما يصل إلى علمه من جرائم و تحرير محاضر بشأنها و موافاته –أي وكيل الجمهورية- بأصولها موقعا عليها مصحوبة بنسخة منهما و يؤشر عليها الضابط بمطابقتها لأصول المحاضر طبقا للمادة (18 ق.إ.ج)
2- إخطاره لوكيل الجمهورية بالجريمة المتلبس بها ، و الانتقال لمكان الحادث لمعاينته ، و اتخاذ الإجراءات و التحريات اللازمة (م 42 ق.إ.ج)
3- إبلاغ وكيل الجمهورية بكل توقيف للنظر يراه ضروري ، و لا يجوز تمديد في الأحوال التي يجوز فيها إلا بناءا على إذن منه .
4- يرفع يده عن مباشرة تحرياته بمجرد حضور وكيل الجمهورية لمكان الحادث الذي يتولى بنفسه مباشرتها ما لم يرى تكليف الضابط بذلك (م 56 ق.إ.ج) .
5- الإذن بالتفتيش الذي يصدره وكيل الجمهورية لضابط الشرطة القضائية للدخول للمساكن في الجرائم المتلبس بها المنصوص عليها في المادة 41 و مايليها من قانون الإجراءات الجزائية طبقا للمادة (44 ق.إ.ج) .
6- وجوب تطبيق ضابط الشرطة القضائية لأوامر وكيل الجمهورية لإجراء الفحص الطبي للموقوف تحت النظر ، و إلا أعتبر مرتكبا للجريمة المنصوص عليها في المادة 110 مكرر فقرة 2 من قانون العقوبات .
7- لا يملك أعضاء جهاز الضبط القضائي سلطة التصرف في نتائج بحثهم و تحرياتهم إذ بمجرد انتهائه منه يوافي وكيل الجمهورية بالمحضر و الملف ليتخذ هذا الأخير ما يراه لازما بشأنه .

الفرع الثاني :
سلطات وكيل الجمهورية :
يخول وكيل الجمهورية سلطات على ضباط الشرطة القضائية و جهاز الضبط القضائي ، تبدو فيها مظاهر تبعية هذا الجهاز في الآتي :(1)
1- تكليف طبيب لفحص الموقوف للنظر لدى الضبطية القضائية من الشرطة أو الدرك الوطني ، سواء تم هذا التكليف من تلقاء نفس وكيل الجمهورية أو بناءا على طلب أحد أفراد عائلة الموقوف للنظر (المادة 52/4 ق.إ.ج) .
2- توقيع وكيل الجمهورية دوريا على السجل الذي يمسكه الضابط في مراكز الشرطة أو الدرك و الذي تذكر فبه البيانات الخاصة بالتوقيف للنظر ، كسماع أقواله أو امتناعه و توقيفه و أسبابه (المادة 52 ق.إ.ج) .
3- يجب على الضابط تقديم السجل الخاص ، الذي يمسكه في كل مركز من مراكز الشرطة أو الدرك لوكيل الجمهورية و لكل جهات الرقابة في كل وقت تطلبه ، لأن القانون يجرم امتناع ضابط الشرطة القضائية عن هذا التقديم (المادة 110 مكرر /1 قانون عقوبات) .
4- توجيه وكيل الجمهورية ما يراه ضروريا من تعليمات لضباط الشرطة القضائية ، و النظر فيما يمكن اتخاذه من إجراءات في كل واقعة معروضة عليه .
5- تقييم وكيل الجمهورية لعمل أعوان الضبطية القضائية و تنقيطهم ، مع أخذ التنقيط بعين الاعتبار في ترقيتهم ، فتنص المادة 18 مكرر الفقرة 2 و 3 :"يتولى وكيل الجمهورية تحت سلطة النائب العام تنقيط ضباط الشرطة القضائية العاملين بدائرة اختصاص المحكمة"،"يؤخذ التنقيط في الحسبان عند كل ترقية".
6- سلطة التصرف في نتائج البحث و التحري بحفظ الأوراق أو بتحريك الدعوى أو رفضها بحسب الأحوال (المادة 36 ق.إ.ج) .

المطلب الثاني :
رقابة غرفة الاتهام على الضبط القضائي :
تقرر المادة (12 ق.إ.ج) أن جهاز الضبطية القضائية –بعد النص على إدارته و الإشراف عليه من اختصاص النيابة العامة- جهاز يخضع لرقابة غرفة الاتهام ، و هي جهة قضائية ،"... و ذلك تحت رقابة غرفة الاتهام لذلك المجلس " فينظم قانون الإجراءات الجزائية هذه الرقابة في المواد 206 إلى 211 منه ، فتنص المادة 206 :" تراقب غرفة الاتهام أعمال ضباط الشرطة القضائية الموظفون و الأعوان المنوطة لهم بعض مهام الضبط القضائي الذين يمارسونها حسب الشروط المحددة في المواد 21 و التي تليها من هذا القانون " . و هذا يعني أن القانون الجزائري لم يكتف بإدارة و إشراف النيابة العامة على جهاز الضبطية القضائية و ما تتضمنه هذه الإدارة و الإشراف من تبعية و رقابة على عمله ، بل إنه أخضعه لرقابة قضائية تباشرها عليه غرفة الاتهام و هي رقابة يتحدد نطاقها بحسب ما يقرره القانون لضباط الشرطة القضائية من اختصاصات شبه قضائية التي ينص عليها قانون الإجراءات الجزائية في المادة 12 و مايليها (1)
تضطلع غرفة الاتهام بوظيفة المراقبة تلقائيا بمناسبة نظرها بقضية معروضة عليها ، و قد تمارس وظيفة الرقابة بناءا على طلب يقدمه النائب العام أو بناءا على طلب من رئيسها ، و هو اختصاص محلي يتحدد بنطاق كل مجلس قضائي فيخضع أعضاء جهاز الضبط القضائي على مستوى كل مجلس قضائي لرقابة غرفة الاتهام لنفس المجلس ، و يستثنى من هذه القاعدة ضباط الشرطة القضائية و أعوانهم التابعين لمصالح الأمن العسكري حيث أخضعهم لرقابة غرفة الاتهام لمجلس الجزائر العاصمة ، و هو ما يعني اختصاصا وطنيا لهذه الغرفة بالنسبة لتلك الفئة من جهاز الضبطية القضائية فتنص المادة 207/2 ق.إ.ج :"غير أن غرفة الاتهام بالجزائر العاصمة تعتبر صاحبة الاختصاص فيما يتعلق بضباط الشرطة القضائية للأمن العسكري ، و تحال القضية على غرفة الاتهام من طرف النائب العام ، بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية العسكري الموجود بالمحكمة العسكرية المختصة إقليميا " و تباشر غرفة الاتهام الرقابة –و قد جاء في قرار المحكمة العليا أن رقابة غرفة الاتهام يتحدد بنطاق المادة 18 إ.ج و التزام ضباط الشرطة القضائية بأحكامها – على الضبط القضائي عن طريق الإجراءات المتعددة .

الفرع الأول :
الأمر بإجراء تحقيق :

إذا عرض على غرفة الاتهام بحسب الأوضاع التي تنص عليها المادة (207 ق.إ.ج) أمر يتعلق بمخالفة اقترفها عضو في الضبط القضائي ، أو لتجاوز حدود اختصاصه . تأمر الغرفة بإجراء تحقيق في الموضوع تسمع خلاله لطلبات النيابة العامة ممثلة في النائب العام باعتبارها جهة إدارة و إشراف على جهاز الضبط ، و يمكن للعضو المحقق معه من تقديم أوجه دفاعه بالاطلاع على ملفه المحفوظ لدى النيابة في المجلس ، و الاستعانة بمحامي يحضر معه التحقيق ، فتنص المادة 208 ق.إ.ج :" إذا ما طرح الأمر على غرفة الاتهام فإنها تأمر بإجراء تحقيق و تسمع طلبات النائب العام و أوجه دفاع ضابط الشرطة القضائية صاحب الشأن ، و يتعين أن يكون هذا الأخير قد مكن مقدما من الاطلاع على ملفه المحفوظ ضمن ملفات ضابط الشرطة القضائية لدى النيابة العامة للمجلس ، و إذا تعلق الأمر بضابط الشرطة من الأمن العسكري يمكن من الاطلاع على ملفه الخاص ، المرسل من طرف وكيل الجمهورية العسكري المختص اقليميا" (1)

الفرع الثاني :
توقيع الجزاءات ذات الطبيعة التأديبية :
يقرر قانون الإجراءات الجزائية سلطة غرفة الاتهام في فرض جزاءات ذات طبيعة إدارية أو تأديبية على عضو الضبط القضائي ، الذي تثبت في حقه مخالفة تستوجب مثل هذه الجزاءات ، فلها سلطة توجيه ما تراه لازما من ملاحظات . و إن توقفه عن العمل بصفته ضابط للشرطة القضائية أو عون لها مؤقتا على مستوى دائرة إختصاصه العادية أو على مستوى المجلس القضائي أو حتى على المستوى الوطني ، و لها أن تسقط عليه الصفة نهائيا (209 ق.إ.ج) .
و تبلغ القرارات المتخذة ضد عضو الشرطة القضائية للسلطات الإدارية أو العسكرية التي يتبعها (المادة 211 إ.ج) . بناءا على طلب من النائب العام و قد أغفل المشرع الجزائري النص على وجوب تبليغ القرار للمعني بالأمر ، إلا أن القواعد تقضي بوجوب تبليغه بكل قرار يتخذ بشأنه لأنه شرط ضروري لمساءلته فيما بعد عن مدى احترامه للمنع من الممارسة المقررة ، أي بحرمانه من ممارسة اختصاصاته محليا أو وطنيا بصفة مؤقتة أو مستمرة و دائمة ، خاصة و أن القانون يجرم ممارسة الوظيفة بعد العزل أو الوقف عن ممارستها . و تنص المادة 142 قانون العقوبات :" كل قاض أو موظف فصل أو ضابط عمومي أو عزل أو أقف أو حرم قانونا من وظيفته يستمر في ممارسة أعمال وظيفته بعد استلامه التبليغ الرسمي بالقرار المتعلق به يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين و بغرامة 500 إلى 1000 دج" .(1)

الفرع الثالث :
تحويل الملف إلى النائب العام :
إذا رأت غرفة الاتهام أن ما ينسب لعضو الضبط القضائي أو الشرطة القضائية يعد جريمة طبقا لقانون العقوبات ، بالإضافة لما خولها القانون من سلطة في الأمر لإجراء تحقيق فيما ينسب له و توقيع الجزاءات ذات الطبيعة التأديبية فإنها ترسل الملف للنائب العام . فإذا ما رأى النائب العام ثمة محلا لمتابعته عرض الأمر على المجلس القضائي الذي يأمر بتحقيق القضية بمعرفة أحد قضاة التحقيق الذي يختار من خارج دائرة الاختصاص التي يباشر فيها العضو المتهم اختصاصه و بإنهاء التحقيق معه يحال المتهم على الجهة المختصة ، إما الجهة التي تقع في دائرة اختصاص قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام بالمجلس القضائي بحسب الأحوال ، أنظر (المواد 210 ، 576 ، 577 ق.إ.ج) .
أما بالنسبة لعضو الضبطية القضائية ضابطا كان أو عونا التابع لمصالح الأمن العسكري ، فإن غرفة الاتهام المعنية تحول الملف إلى وزير الدفاع ، ليتخذ بنفسه ما يراه مناسبا من إجـراءات ضـد عضـو الشرطة القضائية التابع لمصالح الأمن العسكري طبقا ( المادة 210 إ.ج) (1)

المطلب الثالث :
اختصاصات غرفة الاتهام :

تقوم غرفة الاتهام بدور هام بصفتها درجة استئناف أوامر قاضي التحقيق بغض النظر عن الجهة المستأنفة ، سواء كان الاستئناف من طرف وكيل الدولة أو النائب العام أو المتهم أو الطرف المدني أو المسؤول المدني و يتعلق الأمر كذا –هنا بالأوامر التي يصدرها التحقيق عند مباشرته الوظائف القضائية، أما الأوامر الولائية فلا يجوز استئنافها من الأطراف عدا وكيل الجمهورية الذي تخول له المادة 170 من قانون الإجراءات الجزائية استئناف جميع أوامر قاضي التحقيق ، و كذا أمر النائب العام ، و هذا خلال 20 يوما من صدور أمر قاضي التحقيق ، أما الأطراف الأخرى بما فيهم وكيل الدولة فيكون الاستئناف وجوبا خلال 3 أيام من صدور الأمر . المادة 168 ق.إ.ج (1)

الفرع الأول :
التحقيق كدرجة عليا :

سبق القول بأن غرفة الاتهام تعتبر درجة عليا للتحقيق أي درجة ثانيا للتحقيق ، في مواد الجنايات لأن القانون قرر أن يكون التحقيق في مواد الجنايات على درجتين ، طبقا للمادة 66 ق.إ.ج ، و تنص 166 من نفس القانون :" إذا رأى قاضي التحقيق أن الوقائع تكون جريمة وصفها القانون جناية يأمر بإرسال الملف الدعوى و قائمة بأدلة الإثبات بمعرفة وكيل الجمهورية بغير تمهل إلى النائب العام لدى المجلس القضائي لاتخاذ الإجراءات وفقا لما هو مقرر في الباب الخاص بغرفة الاتهام " و عليه فإن التحقيق في الجنايات يجب أن يتم على درجتين ، الأولى بواسطة قاضي التحقيق و الثانية بواسطة غرفة الاتهام ، فلا يحيل قاضي التحقيق القضايا الجنائية للمحاكمة مباشرة (2) و تتمتع غرفة الاتهام بهذه الصفة بجميع صلاحيات التحقيق فيجوز لها سواءا من تلقاء نفسها أو بناءا على طلب النائب العام أو أحد الخصوم ، الأمر باتخاذ جميع إجراءات التحقيق التكميلية التي تراها ضرورية و لازمة ، و من صلاحياتها بهذه الصفة :
1- لها أن تأمر بألا وجه للمتابعة طبقا لمادة (195 ق.إ.ج) إذا ما رأت أن الوقائع المعروضة عليها لا تكون جريمة من الجرائم المنصوص عليها قانونا ، أو لعدم توافر الدلائل الكافية لإدانة المتهم ، أو بقاء هذا الأخير مجهولا .
2- الأمر بحبس المتهم مؤقتا أو الإستمرار فيه أو الإفراج عنه متى رأت داع لذلك (المادتان 186 – 192 ق.إ.ج)
3- ندب قاضي التحقيق لإجراء تحقيق تكميلي أو إضافي ، المادة 190 إ.ج كسماع أقوال المدعي المدني ، الذي يعلن عن استعداده لإعطاء معلومات جديدة .
4- لها سلطة توجيه الإتهام لكل شخص لم يكن قد أحيل إليها ما لم يسبق أن صدر بشأنه أمر بألا وجه للمتابعة ، بالنسبة للوقائع التي تكون ناتجة من ملف الدعوى ( المادة 189 إ.ج).
5- الأمر بإحالة ملف الدعوى إذا كانت الوقائع المنسوبة للمتهم مؤسسة فإنها تحيل القضية للجهة القضائية المختصة على النحو التالي :
أ‌) الإحالة لمحكمة الجنايات : إذا كانت الوقائع توصف بالجناية وفق التحديد القانوني في المادتين 5 و 27 ق.ع و كذا بالنسبة لكل الجرائم المرتبطة بها و يتضمن هذا الأمر بيان الوقائع موضوع الاتهام و تحديد وصفها القانوني ، تأمر غرفة الاتهام بإحالة القضية إلى محكمة الجنايات .
ب‌) الإحالة إلى المحكمة : إذا كانت الوقائع المنسوبة للمتهم جنحة أو مخالفة طبقا لنصي (المادتين 5 و 7 ق.ع) تحيل القضية لمحكمة الجنح و المخالفات و الملاحظة أنه يجب أن يخلى سبيل المتهم إذا كانت الواقعة المنسوبة إليها جنحة معاقب عليها بغرامة فقط ، أو كانت مخالفة (المادة 196 إ.ج) و في الأحوال الأخرى يجب إحترام القواعد المقرر في الحبس المؤقت و الجرائم التي يجوز الأمر به بسببها .
6- حق غرفة الاتهام في التصدي أثناء نظرها فيما يعرض عليها من القضايا فتنص المادة (191 إ.ج) على أنه :" تنظر غرفة الاتهام في صحة الإجراءات المرفوعة إليها و إذ انكشف بها سبب من أسباب البطلان قضت ببطلان لإجراء المشوب به ، و عند الإقتضاء ببطلان الإجراءات التالية به كلها أو بعضها و لها بعد الإبطال أن تتصدى لموضوع الإجراء أو تحيل الملف إلى قاضي التحقيق نفسه أو لقاضي غيره لمواصلة إجراءات التحقيق " ، و تنص الفقرة الثانية من المادة 192 إ.ج :" و إذا حدث في أي موضوع آخر أن ألفت غرفة الاتهام أمر قاضي التحقيق فإن لها أن تتصدى للموضوع و تحيل الملف إلى قاضي التحقيق نفسه أو لقاضي غيره لمواصلة التحقيق ما لم يكن حكم الإلغاء قد أنهى التحقيق "(1)
و هذا يعني أن لها أن تتصدى بالنظر في الإجراء أو الإجراءات المعروضة عليها ، بمناسبة قيامها بالتحقيق باعتبارها جهة عليا للتحقيق ، لتدارك ما قد يكون قد أغفله المحقق و الفصل فيه نهائيا ، و هذا ما لم تر إحالة الملف إلى القاضي المحقق أو أي قاضي آخر .
7- الفصل في رد الأشياء المضبوطة ، حيث تختص غرفة الاتهام بنظر التظلم المقدم من المتهم أو المدعي المدني أو أي شخص آخر في قرار قاضي التحقيق بشأن استرداد الأشياء الموضوعة تحت سلطة القضاء طبقا لحكم (المادة 86 إ.ج) و تفصل كذلك في الطلبات أثناء نظرها القضية باعتبارها جهة تحقيق عليا فتنص المادة 195 إ.ج :" و تفصل غرفة الاتهام في الحكم نفسه في رد الأشياء المضبوطة ، و تظل مختصة بالفصل في رد هذه الأشياء عند بعد صدور ذلك الحكم " . و هذا يعني أن الغرفة تختص بالرد في حالتين هما :
أ) التظلم من أصحاب المصلحة في الرد كالمتهم أو المدعي المدني أو أي شخص آخر .
ب) إذا رأت غرفة الاتهام أن الواقعة المعروضة عليها لا تكون جريمة جناية أو جنحة أو مخالفة فأصدرت أمرا بألا وجه للمتابعة فتفصل في الرد في نفس الأمر ، و تظل مختصة بالفصل في بعد الأمر ، بشرط أن لا تكون تلك الأشياء المضبوطة جريمة كالمخدرات و حمل الأسلحة بدون ترخيص .



الفرع الثاني
تصحيح الإجراءات الباطلة :

القاعدة المقررة قانونا هي اشتراط أن يكون الإجراء الذي يبادر به قاضي التحقيق ضروريا لمجرى التحقيق تطبيقا لحكم المادة (168 إ.ج) التي تنص :" يقوم قاضي التحقيق وفقا للقانون باتخاذ جميع إجراءات التحقيق التي يراها ضرورية للكشف عن الحقيقة ، بالتحري عن أدلة الاتهام و أدلة النفي " و كذلك يشترط فيه أن يكون صحيحا ، صادرا وفق القيود و الشروط المحددة قانونا ، و تقوم الغرفة من تلقاء نفسها ، أو بناءا على طلب قاضي التحقيق أو وكيل الجمهورية بتصحيح الإجراء أو الإجراءات أو تقر البطلان بالنسبة للإجراء المشوب به ، أو تقرر البطلان بالنسبة للإجراءات اللاحقة له كلها أو بعضها أو أن تأمر قاضي التحقيق أو أي قاض آخر بإعادة الإجراء أو الإجراءات الباطلة فتنص المادة 158 إ.ج :" إذا تراءى لقاضي أن إجراء من إجراءات التحقيق مشوب بالبطلان فعليه أن يرفع الأمر لغرفة الاتهام بالمجلس القضائي بطلب إبطال هذا الإجراء بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية و اخطار المتهم و المدعي المدني " ،" فإذا تبين لوكيل الجمهورية أن بطلانا قد وقع فإنه يطلب إلى قاضي التحقيق أن يوافيه بملف الدعوى ليرسله إلى غرفة الاتهام و يرفع لها طلبا بالبطلان " و للغرفة سلطة النظر في صحة الإجراءات المرفوعة أمامها ، فتقضي بطلانها كلما جد لها سبب من أسباب البطلان فتنص الفقرة الأخيرة من المادة 158 و في كلتا الحالتين تتخذ غرفة الاتهام إجراء وفق ما ورد في (المادة 191)(1)
و تنص المادة 191 إ.ج :" تنظر غرفة الاتهام في صحة الإجراءات المرفوعة إليها و إذا انكشف لها سبب من أسباب البطلان قضت ببطلان الإجراء المشوب به ، و عند الإقتضاء ببطلان الإجراءات التالية له كلها أو بعضها ...."



الفرع الثالث :
البطـــــــــلان :
البطلان جزاء موضوعي تقرره غرفة الاتهام نتيجة تخلف شروط الصحة كلها أو بعضها ، من شأنه أن يرتب عدم إنتاجه لآثاره القانونية ، ذلك أن القواعد الإجرائية وضعت بغرض الكشف عن حقيقة الجريمة و المساهمين في ارتكابها بما يضمن للمتهم حقوقه و حرياته الأساسية مما يتطلب عند عدم احترام الإشكال القانونية أو مخالفتها ، توقيع الجزاء الموضوعي و هو البطلان و قد نظم القانون البطلان بأسلوبين مرة يرتبه صراحة في حالة توافر أسبابه المحددة في القانون تحديدا دقيقا و هو ما يطلق عليه البطــلان المطلق ، و مرة أخرى يرتبه عن مخالفة الأحكام الجوهرية و هي حالات غير محدد (1)
و الملاحظ أن المشرع الجزائري يعتنق في قانون الإجراءات الجزائية مذهب البطلان النسبي ، لأنه سمح للمعني بالأمر أن يتنازل صراحة عن حقه في التمسك بالبطلان ، فلا يكفي سكوت المتهم مثلا عن تمسكه بالبطلان فتنص (المادة 157 فقرة 2 إ.ج) :" و يجوز للخصم الذي لم تراع في حقه أحكام هذه المواد أن يتنازل عن التمسك بالبطلان و يصحح بذلك الإجراء ويتعين أن يكون التنازل صريحا و لا يجوز أن يبدى إلا في حضور المحامي أو بعد استدعائه قانونا " و في نفس الوقت يقرر في أحوال معينة البطلان المطلق أو القانوني
أولا :حالات البطلان القانوني :
يقرر قانون الإجراءات الجزائية في هذه الحالات البطلان بمجرد توافر الوضع المنصوص عليه قانونا و هي :
01- بطلان التفتيش خرقا لحكم المادتين 45-47 إ.ج
تقرر المادة 48 إ.ج بطلان التفتيش الذي يتم بمخالفة الأحكام القانونية المقرر في المادتين 45 – 47 إ.ج و هي التي تقرر وجوب إجرائه بحضور صاحب المسكن أو من ينوب عنه أو بحضور شاهدين ، و أن يتم بين الساعة الخامسة صباحا و الثامنة مساءا فتنص :" يجب مراعاة الإجراءات التي استجوبتها المادتان 45 – 47 و يترتب علــى مخالفتهـا البطـلان " 02- بطلان الاستجواب خرق لحكمي المادتين 100 – 105 إ.ج :
تنص المادة 157 إ.ج على وجوب مراعاة قاضي التحقيق للأحكام المقررة في المادتين 100 و 105 إ.ج المتعلقتان بالحضور الأول و ما يقرره القانون من حقوق للمتهم ، و على قاضي التحقيق احترامها ، و بسماع المتهم و المدعي المدني و المواجهة بينهما إلا بحضور محاميها المتعلقتان بالاستجواب و سماع المدعي المدني ، و إلا ترتب البطلان على مخالفتها .
ثانيا : حالات البطلان لمخالفة القواعد الجوهرية :
تنص المادة 159 إ.ج :" يترتب البطلان أيضا على مخالفة الأحكام الجوهرية المقررة في هذا الباب خلاف الأحكام المقررة في المادتين 100 و 105 إذا ترتب على مخالفتها إخلال بحقوق الدفاع أو حقوق أي خصم في الدعوى" و المستخلص من هذه المادة أن المشرع وضع قاعدة عامة يترتب على مخالفتها بطلان الإجراء ، و هي قاعدة عامة تتعلق بحقوق الدفاع و حق الخصوم في الدعوى ، تاركا أمر تحديد الحالات التي تدخل تحتها لاجتهاد القضاء و الفقه و تعتبر ضمن تلك الحقوق المرتبة للبطلان عند مخالفتها مايلي :
1- عدم استجواب المتهم و لو مرة واحدة قبل إحالته على الجهة القضائية المختصة(1)
2- عدم ابلاغ الخصوم بموعد إجراء التحقيق .
3- عدم تبليغ الخصوم الأوامر القضائية الصادرة عن قاضي التحقيق لاستعمال حقهم في استئنافها وفق ما يقرره القانون .
4- عدم تبليغ المتهم قرار الاتهام .
5- أن يجلس قاضي التحقيق للحكم في قضية ما ، كان قد سبق له و أن حقق فيها .
6- الاستناد لاعتراف متهم تحت وطأة التعذيب أولى به أمام ضباط الشرطة القضائية بناءا على إنابة قضائية .
7- أعمال التحقيق التي يقوم بها الضابط بناءا على إنابة عامة .



المطلب الرابع :
الطعن بالنقض في قرارات غرفة الاتهام :

إن قرارات غرفة الاتهام يمكن الطعن فيها بطريق الطعن أمام الغرفة الجزائية لدى المحكمة العليا ، غير أن القرارات التي يجوز الطعن فيها في هذا الصدد محدد طبقا (للمادة 495 إ.ج) المعدل بقانون 26/01/1985 (1) ، و هي جميع قراراتها ما عدا ما يتعلق منها بالحبس الاحتياطي ، بعبارة أخرى بما في ذلك قرارات الإحالة الصادرة منها في قضايا الجنح و المخالفات عندما تفصل في الاختصاص أو أنها فصلت نهائيا في الدعوى المدنية ، و كذلك الجنايات و كذا قرارات انتفاء وجه الدعوى ...إلخ .
و بذلك فالاستئناف الأوحد الوارد هو ما يتعلق بالحبس الاحتياطي فإن قرارات غرفة الاتهام بقبول أو رفض الإفراج المؤقت نهائيا ، و يمتد هذا الاستثناء في رأينا إلى القرارات التي تنظر فيها غرفة الاتهام في مسألة الرقابة القضائية ، و هكذا يجوز للمدعي المدني الطعن بالنقض في قرارات غرفة الاتهام في الحالات التالية :
- إذا قررت عدم قبول دعواه .
- إذا قررت ألا محل لإدعائه بالحقوق المدنية .
- إذا قررت غرفة الاتهام وضع نهاية للدعوى المدنية .
- إذا سعت غرفة الاتهام عن الفصل في وجه من أوجه الاتهام .
إذا كان قرارها معيبا شكلا بحيث أنه غير مستكمل للشروط الجوهرية المقررة قانونا لصحته(2)
في جميع الحالات الأخرى عندما يكون ثمة طعن بالنقض من طرف النيابة العامة (انظر قرار غرفة الاتهام 08 جويلية 1986 ص 233 من تقنين الإجراءات الجزائية ) .
هذا أن الطعن بالنقض في قرارات غرفة الاتهام جائز من طرف المدعي المدني كما سبق الشرح ، و كذا من النيابة العامة أو المتهم أو المسؤول المدني .
و يكون ذلك خلال 8 أيام من يوم النطق بالقرار ، و إذا كان أحد الأطراف بالخارج يكون موعد الطعن بالنقض شهرا واحدا .
هذا و لا يجوز أن يبنى الطعن بالنقض في قرارات غرفة الاتهام إلا وفقا للمادة 500 من قانون الإجراءات الجزائية .
و أن يكون ذلك بإيداع مذكرة كتابية موقعة من طرف محام مقبول لدى المحكمة العليا و أن يتم تسديد الرسوم لذلك ، ما لم يكن الطاعن معفى من ذلك .
مناقشة قراري المحكمة العليا قضية رقم : 855/14565 المؤرخ في 03/06/1956 و قضية رقم : 1063/180840 المؤرخ في 30/09/1997 ، بعد قراءاة سريعة يمكن ابداء الملاحظات التالية :

أولا : فإذا كانت المادة 496/2 من قانون الإجراءات الجزائية لا تجيز(1) الطعن بالنقض في قرارات غرفة الاتهام المتعلقة بالإحالة في مواد الجنح و المخالفات إلا أن قرارها بالإحالة في مواد الجنايات يمكن الطعن بالنقض فيها .

ثانيا : إن مناقشة المحكمة العليا لقرار غرفة الاتهام دون مناقشتها للقرارات القضائية في مواد الجنح و المخالفات بمعنى لابد من مراعاة عناصر التسبيب القانوني لعناصر الجريمة ، بينما الحكم الجنائي الذي يصدر طبقا لقاعدة الاقتناع الذاتي ، فلا تناقشه المحكمة العليا من حيث إشارة عناصر الجريمة ، و لكن يكفي أن تكون الأسئلة عن الإدانة من عدمها ، و ألا تكون هذه الأسئلة غامضة أو متشعبة .

ثالثا : و لكن الغريب في الأمر أن المحكمة العليا عند نظرها في القرارين السابقين تناقضت تناقضا خطيرا و ذلك كمايلي :
الطعن بالنقض يخص قرارين صادرين عن غرفة الاتهام نفسها : الأول بألاوجه للمتابعة ، فالمحكمة العليا نقضته بسبب عدم التسبيب الكافي لحالة الدفاع المشروع ، و الثاني بالإحالة على محكمة الجنايات و الخالي كذلك من التسبيب عن عدم وجود حالة الدفاع المشروع ، إذا أن القرار اكتفى بالقول "حيث شروط الدفاع الشرعي غير متوفرة " و أن المحكمة العليا في هذه المرة ترى أن حالة الدفاع المشروع مسألة تناقش فقط من طرف قضاة محكمة الجنايات الذين لهم السلطة التقديرية .

رابعا :إن الطعن بالنقض في قرار غرفة الاتهام الصادر بألا وجه للمتابعة يتقرر للطرف المدني ، و رغم غياب طعن النيابة العامة في حالة النقض تعود بشقيها المدني و الجزائي معا ، خلاف الأحكام الصادرة بالبراءة فالطعن بالنقض من الطرف المدني لا يمس الدعوى العمومية لا من بعيد و لا من قريب (1) .

المطلب الخامس :
رد الاعتبار القضائي :
بالإضافة إلى دور غرفة الاتهام الكبير على اختلاف مراحله و مراقبتها له فقد خول لها المشرع سلطات أخرى بالرغم من أنها خارجة عن التحقيق أصلا ، و لكن تمس أساسا ميدان العقوبات حد ذاته أو رد الاعتبار على مجموع العقوبات طبقا للمادة (679-693 ق.إ.ج) بحيث ترفع طلبات رد الاعتبار أمام غرفة الاتهام حيث يجوز رد اعتبار كل شخص محكوم عليه ، فيشتمل طلب رد الاعتبار على مجموع العقوبات الصادرة التي تم أو يتم محوها عن طريق رد الاعتبار سابق أو بمقتضى العفو الشامل . يرد الاعتبار شروط الإجــراءات و آثاره (2)


الفرع الأول :
شروط رد الإعتبار :

يجب أن يشمل رد الاعتبار القضائي على الشروط المنصوص عليها في المواد من 680 إلى 689 ق.إ.ج و هي :
1- لا يجوز رفع طلب رد الاعتبار إلى القضاء إلا من المحكوم عليه بجناية أو جنحة و إذا كان محجوز عليه فيرفع الطلب نائبه القانوني و حالة وفاة المحكوم عليه يجوز لأصوله أو لفروعه أو زوجته تتبع الطلب أو أن يتولي تقديم طلب رد الاعتبار في ظرف (سنة) من يوم الوفاة وفقا (للمادة 680 إ.ج) .
2- قبل انقضاء مدة ثلاث سنوات لا يجوز تقديم هذا الطلب و تقدير هذه المهلة إلى خمسة سنوات و ذلك بالنسبة للمحكوم عليه بعقوبة جناية و تبدأ سريان هذه المدة من يوم الإفراج عن المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية و من يوم تسديد الغرامة بالنسبة للمحكوم عليهم بهذه الغرامة و هذا ما نصت عليه المادة (681 إ.ج) .
3- لا يجوز للمحكوم عليهم العائدين أو ممن حكم عليهم بعقوبة جديدة يصدر اعتبارهم أن يقوموا طلبا في الموضوع إلا بعد مضي مهلة ستة سنوات من الإفراج عليهم إذا كانت العقوبة الجديدة لجناية رفعت مدة الاختبار إلى عشرة سنوات وفقا للمادة 682 فقرة 2،3 إ.ج .
4- لا يقبــل رد الاعتبــار إذا كانــت العقوبــة قــد سقطــت بالتقــادم هــذا مــا جــاء بالمادة 682 فقرة 3 .
5- يتعين على المحكوم عليه أن يثبت قيامه بسداد المصاريف القضائية و الغرامة و التعويضات المدنية و أنه قضى مدة الإكراه البدني فإذا كان محكوم عليه بالإفلاس بطريق التدليس فعليه أن يثبت وفاءه لديون التفليسة و هذا الحالة المنصوص عليها في المادة 684 ق.إ.ج .
6- تنص المادة 684 ق.إ.ج على أنه لا يتقيد رد الإعتبار بأي شرط زمني متعلق بتنفيذ العقوبة إذا حدث بعد ارتكاب الجريمة أن رد المحكوم خدمات جليلة للبلاد مخاطرا بحياته في سبيل ذلك (1)

الفرع الثاني :
إجراءات رد الإعتبار :
يقدم المحكوم عليه طلب رد الإعتبار لوكيل الجمهورية بدائرة محل لإقامة صاحب الطلب و يتعين عليه أن يذكر في طلبه و بدقة تاريخ الحكم و الأماكن التي أقام بها منذ الإفراج عنه ، و يقوم وكيل الجمهورية بإجراء تحقيق عن طريق الشرطة أو الأمن في الجهات التي يقيم بها المحكوم عليه و يستطلع رأي القاضي في تطبيق العقوبات و يحصل وكيل الجمهورية على نسخة من الحكم الصادر بالعقوبة و على مستخرج من سجل الإيداع بمؤسسة إعادة التربية التي قضى فيها المحكوم عليه مدة العقوبة .
و كذلك رأي المدير و الرئيس المشرف على المؤسسة بالإضافة إلى القسيمة رقم 1 من صحيفة السوابق العدلية ثم ترسل هذه المستندات مشفوعة برأي وكيل الجمهورية إلى النائب العام و هذا وفقا لما جاء في المادة 687 ق.إ.ج .
يقوم النائب العام بدوره برفع الطلب و المستندات إلى غرفة الاتهام بالمجلس كما يجوز للطالب نفسه أن يقوم مباشرة بتقديم كل المستندات المفيدة لغرفة الاتهام .
و حسب ما نصت عليه المادة 689 ق.إ.ج فإن غرفة الاتهام تفصل في الطلب خلال شهرين بعد إيداع طلبات النائب العام و سماع أقوال الطرف العني و المحامي أو بعد استدعائه بصفة قانونية .
و حتى في الحالة المنصوص عليها في المادة 684 ق.إ.ج فإنه لا يجوز في حالة رفض الطلب تقديم طلب جديد قبل انقضاء مهلة سنتين اعتبارا من تاريخ الرفض (2)
و الطعن في حكم غرفة الاتهام المتعلق برد الاعتبار لدى المجلس الأعلى ضمن الشروط القانونية .

الفرع الثالث :
آثار رد الاعتبار :

تنص المادة 276 فقرة 2 على أنه بمجرد رد الاعتبار في المستقبل كل آثار الإدانة العادية و ما نجم عنها من حرمان الأهلية و ينوه على الحكم الصادر برد الاعتبار على هامش الاحكام الصادرة بالعقوبة بصحيفة السوابق القضائية و في هذه الحالة لا ينوه عن العقوبة في الصحيفتين الثانية و الثالثة من صحيفة السوابق العدلية (1)

المبحث الثالث :
الرقابة القانونية على أعمال الضبطية القضائية "المسؤولية الشخصية"
يقرر القانون جزاءا شخصيا لضباط الشرطة القضائية ، بتحميلهم نتائج خطئهم متى وصل درجة من الخطورة يعتد بها ، أي عما قد ينسب إليهم من أخطاء أثناء مباشرة وظيفتهم في الضبطية القضائية ، و هو جزاء يختلف من حيث طبيعته باختلاف الخطأ و طبيعته ، فقد يكون الخطأ خطأ مدنيا لا يستوجب غير المسؤولية المدنية طبقا (للمادة 124 من القانون المدني) ، و قد يكون خطأ إداريا يستوجب المسؤولية التأديبية أو الإدارية ، و قد يرقى الخطأ إلى درجة الخطأ الجنائي ، فيكون جريمة طبقا لقانون العقوبات ، تقوم به المسؤولية الجزائية لضباط الشرطة القضائية ، و الملاحظ أن قواعد المسؤولية المقررة لضباط الشرطة القضائية تطبق على جميع أعضاء السلك القضائي بمختلف أصنافهم و رتبهم (1) .

المطلب الأول :
المسؤولية الجنائية :
إذا ارتكب ضابط الشرطة القضائية جناية أثناء ممارسته وظيفة أو بمناسبة ممارستها . و حتى أثناء العطل يتابع قضائيا فمن يفشي سرا لمستند ناتج عن تفتيش أو ينتهك حرمة منزل أو يتعدى على حرمة شخص بحبسه أو القبض عليه في غير الحالات القانونية يخضع لتحقيق من طرف محققين حياديين ، و يحال أمام القضاء المختص و ذلك مع مراعاة الإجراءات التنظيمية الخاصة بكل هيئة كضرورة أمر المتابعة من طرف قائد الهيئة أو السلك الذي ينتمي إليه مرتكب الجريمة(2)
و بالنسبة للعقوبات الجنحية و هي محددة في (الفقرة 2 من المادة 05 من قانون العقوبات) و منها : من شهر إلى ثلاثة أشهر كما هو الحال بالنسبة لجنحتي تعرض ضابط الشرطة القضائية رغم أوامر وكيل الجمهورية لإجراء فحص طبي للشخص الموقوف للنظر (المادة 110 مكرر 02 ) و من شهرين إلى سنة كما هو الحال بالنسبة لجنح الاستمرار في المشاركة في تجمهر غير مسلح بعد أول تنبيه (المادة 98 فقرة 1 من قانون العقوبات) و دخول موظف أو عضو في الضبطية القضائية إلى منزل أحد المواطنين بطريقة غير شرعية (المادة 135 من قانون العقوبات)(1)
كذلك ينص القانون على إمكان قيام المسؤولية الجنائية في حق عضو الضبط القضائي ، عما قد ينسب له من أفعال ، تعتبر جريمة في نظر قانون العقوبات و القوانين المكملة له ، و من الصور التي تقوم فيها هذه المسؤولية (المادة577 ق.إ.ج) :" إذا كان أحد ضباط الشرطة القضائية قابلا للاتهام بارتكاب جناية أو جنحة خارج دائرة مباشرتها في الدائرة التي يختص فيها اتخذت بشأنه الإجراءات طبقا لأحكام المادة 576 "(2)
و من صور الأخطاء الجنائية ، ما ينص عليه قانون العقوبات في (المادة 107) و الإعتداء على الكيان المادي لجسم الإنسان بالتعذيب المشتبه فيه (110 مكرر 3 ق.ع) و الامتناع عن تقديم السجل الخاص للسلطات المختصة متى طلبته (110 فقرة 1 ) . و القبض و التوقيف للنظر دون وجود مبرر أو بعدم احترام قيوده ، أي الحبس التعسفي طبقا (للمادة 51 إ.ج) و كذلك الاعتداء على الكيان الأدبي للأشخاص في (المادة 440 مكرر ق.ع)
و بالرجوع للمادة 576 إ.ج نجد أنها تقرر الاختصاص في نظر الاتهامات الموجهة لأعضاء الضبطية القضائية على مستوى كل مجلس قضائي ، فيقوم وكيل الجمهورية بإرسال الملف للنائب العام لدى المجلس القضائي ، بمجرد إخطاره بأن أحد أعضاء الضبطية القضائية ارتكب جريمة ، فإذا رأي النائب العام محلا لمتابعته ، عرض الملف على رئيس المجلس الذي يأمر بتعيين قاضي للتحقيق من بين قضاة التحقيق ، يختار ممن يعمل خارج دائرة الاختصاص التي يعمل فيها عضو الضبطية القضائية المتهم ، و عند الانتهاء من التحقيق و إذا كان هناك محل لمحاكمته يحال للجهة المختصة أو لغرفة الاتهام التابعة لذلك المجلس بحسب الأحوال (1)

المطلب الثاني :
المسؤولية المدنية :
يكون ضباط الشرطة القضائية و كل موظف مسؤولا مسؤولية مدنية عن الأضرار المادية و المعنوية التي يمكن أن تنتج الأفعال التي يرتكبها خارج حدود الشرعية الإجرامية ، و كذلك الدولة باعتباره يمثل السلطة العامة ، و يقوم بأعماله طبقا لما تخول له وظيفته و صفته ، غير أن الدولة يكون لها حق الرجوع على الفاعل الذي ترتكب جريمته